مصر تثبت قدرتها على استكمال الانتعاش الاقتصادي بعد انتهاء برنامج صندوق النقد الدولي

ثمن الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، حديث الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، حول رؤية الحكومة الاقتصادية الممتدة حتى عام 2030، والتي تتجاوز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. ترتكز هذه الرؤية على الإنجازات المحققة في مجال الإصلاحات الاقتصادية وطرح هذه الرؤية للحوار المجتمعي.
برنامج صندوق النقد الدولي
أوضح غراب أن برنامج مصر مع صندوق النقد الدولي سينتهي بنهاية عام 2026. ومع تحسن المؤشرات الاقتصادية ونجاح الإصلاحات على مدار السنوات الماضية، فإن مصر قادرة على مواصلة مسيرتها الاقتصادية الناجحة دون الحاجة إلى تمويل أو برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي.
أسباب الاتجاه نحو صندوق النقد
أكد غراب أن هناك عدة أسباب دفعت مصر إلى التوجه نحو برنامج مع صندوق النقد الدولي. فقد بدأ برنامج الإصلاح الاقتصادي منذ عام 2016 وحقق نجاحاً ملحوظاً. ولم تكن مصر بحاجة للعودة إلى صندوق النقد لولا الأزمات العالمية المتلاحقة التي زادت من التحديات الاقتصادية. بدأت تلك الأزمات مع جائحة كورونا في عام 2020، التي أدت إلى إغلاق الاقتصاد وتوقف سلاسل الإمداد، مما أثر سلباً على معدل النمو وقيمة العملة المحلية وإيرادات قناة السويس.
تلا ذلك الحرب الروسية الأوكرانية في مطلع عام 2022، التي تفاقمت معها الأزمات الاقتصادية العالمية، نظراً لاعتماد مصر الكبير على هذين البلدين في واردات الحبوب. بالإضافة إلى ذلك، شهدت مصر هروب أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الساخنة، ثم جاءت الحرب على غزة في أكتوبر 2023، مما شكل عبئاً إضافياً على الاقتصاد المصري. كل هذه العوامل أدت إلى تدهور قيمة العملة المحلية وزيادة تكلفة الواردات، مما جعل مصر تلجأ لتجديد الاقتراض من صندوق النقد الدولي.
تعزيز الاعتماد على الموارد الذاتية
أشار غراب إلى أنه بعد انتهاء برنامج الإصلاح مع صندوق النقد، لم تعد مصر بحاجة إلى برامج جديدة. حيث يتعين على الدولة تعزيز اعتمادها على الموارد الذاتية وتقليص الحاجة للتمويل الخارجي. لذا، يجب على الحكومة الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية وتمكين القطاع الخاص لضمان زيادة معدلات النمو وتحقيق الاستقلال المالي دون الاعتماد على الدعم الخارجي.
كما أكد غراب أن الإحصائيات تشير إلى أن مصر حققت في يوليو الماضي إيرادات دولارية تقدر بنحو 8.5 مليار دولار من مختلف القطاعات، مما يعكس نمواً مستمراً في الإيرادات الدولارية الشهرية التي يمكن أن تلبي احتياجات مصر من النقد الأجنبي.
الإصلاحات اللازمة لتحقيق الاستدامة
أوضح غراب أن من الإصلاحات الضرورية لتحقيق أداء مستدام للاقتصاد المصري هو توطين الصناعة وتعميق التصنيع المحلي. كما ينبغي على الحكومة الاستمرار في تقديم التيسيرات والمحفزات الاستثمارية، وإصدار التشريعات الاقتصادية الداعمة، وتوفير الأراضي الصناعية بنظام حق الانتفاع، بالإضافة إلى التوسع في إصدار الرخصة الذهبية وغيرها من المحفزات لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
يجب أيضاً إعداد قائمة بكافة الواردات القابلة للتصنيع محلياً، بالتعاون مع القطاع الخاص، مما يسهم في تقليص عجز الميزان التجاري وزيادة حجم الصادرات، وبالتالي توافر العملة الصعبة وحماية قيمة العملة المحلية.
تشجيع القطاعات المختلفة
أكد غراب على أهمية وضع حوافز لقطاعي الصناعة والزراعة، بالإضافة إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك لمساعدتها على الإنتاج والتصدير والانضمام للاقتصاد الوطني. هذه الاستراتيجيات ستُساهم في خلق فرص عمل جديدة وزيادة دخل الأفراد، مما يسهم في تقليل نسبة الفقر والبطالة.
كما أشار غراب إلى ضرورة الاستمرار في تنمية المشروعات السياحية وزيادة عدد الغرف الفندقية، مع توفير التمويل اللازم لها كونها من أهم مصادر النقد الأجنبي لمصر. وفي الختام، يجب أن ترتكز السياسة الاقتصادية على تعزيز الموارد من الاستثمارات والتصنيع، وتعزيز الإنتاج المحلي لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتلبية الاحتياجات الداخلية، مع تحسين بيئة الأعمال لتكون أكثر جذباً للاستثمار.