مولد الهادي البشير نص خطبة الجمعة 5 سبتمبر 2025 يتأمل في معاني الرحمة والهداية

منذ 4 ساعات
مولد الهادي البشير نص خطبة الجمعة 5 سبتمبر 2025 يتأمل في معاني الرحمة والهداية

حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة القادمة، والتي ستقام في 5 أغسطس 2025، الموافق ربيع الأول 1447 هـ، تحت عنوان «مولد الهادي البشير صلى الله عليه وسلم».

وأشارت الوزارة إلى أن الهدف من هذه الخطبة هو تسليط الضوء على مكانة النبي صلى الله عليه وسلم وفضله على الأمة، إذ يعتبر ميلاده بداية جديدة للخير في الإنسانية.

موضوع خطبة الجمعة

الحمدُ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونؤمنُ به ونعوذُ به من شرور أنفسِنا ومن سيئات أعمالِنا. نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن سيِّدنا مُحمدًا عبدُه ورسولُه ﷺ. أما بعد:

إن ميلاد الرسول ﷺ كان ميلاد نور وخير وبركة، وقد شهد الناس جميعًا هذا النور. ففي ليلة ميلاده ﷺ، رأت أمه نورًا خرج منها أضاء قصور الشام. وقد سُئل ﷺ عن نفسه فقال: “أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى أخي عيسى، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام” (سيرة ابن هشام).

يؤكد ابن رجب أن خروج هذا النور عند ولادته يعد إشارة إلى الهداية التي جلبها النبي ﷺ، فقال تعالى: {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين} (المائدة: 15)، ويقول أيضًا: {فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} (الأعراف: 157) (لطائف المعارف).

ورأي اليهود هذا النور الذي عم الكون، كما روى حسان بن ثابت، حيث قال: “إني غلام يافع ابن سبع سنين أو ثمان، أعقل كلما رأيت وسمعت، إذ يهودي في يثرب يصرخ ذات غداة: يا معشر اليهود، اجتمعوا إلي فأنا أسمع. قالوا: ويلك مالك؟ قال: طلع نجم أحمد الذي ولد به في هذه الليلة” (دلائل النبوة للبيهقي).

وفي رواية عن أسامة بن زيد، قال: “قال زيد بن عمرو بن نفيل: قال لي حبر من أحبار الشام: قد خرج في بلدك نبي أو هو خارج، قد خرج نجمه، فارجع فصدقه واتبه” (السيرة النبوية لابن كثير).

ميلاد رسول الله ﷺ

إن مكة كانت في ربيع الأول عام الفيل على موعد مع حدث عظيم، وهو ميلاد النبي محمد ﷺ، خليل الرحمن، وصفوة الأنام. لقد كان أعظم الناس أخلاقًا، وأصدقهم حديثًا، وأحسنهم، وأكثرهم عفوًا، هو خير من وطئ الثرى، وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي:

وُلِدَ الهدى فالكائنات ضياءُ …….. وفمُ الزمان تَبسم وثناءُ

الروح والملأ الملائكةُ حولهُ …….. للدين والدنيا به بشراءُ

لقد منّ الله تعالى على عباده ببعثة الرسول ﷺ وميلاد أمته، فقال في كتابه: {لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين} (آل عمران: 164). وهكذا، كان ميلاده ﷺ ميلاد رحمة وبركة وخير للأمة كافة.

منزلة الرسول ﷺ بين أمته

دعونا نستعرض سويًا منزلة ومكانة الرسول ﷺ بين أمته، والتي تتضمن أمورًا عديدة، منها:

  • اصطفاء الآباء والأمهات: فقد طيّب الله تعالى نسب نبيه ﷺ في وقت انتشرت فيه الرذيلة، وحفظ نسمته الطاهرة عن كل نقائص الجاهلية. قال الرسول ﷺ: “خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح، من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي، لم يصبني من سفاح الجاهلية شيء” (الطبراني).
  • اختيار الاسم: كرم الله نبيه باختيار اسمه “محمد” ليكون محمودًا في الأرض والسماء. في ذلك الوقت، كانت الأسماء تحمل دلالات غير مستحبة.
  • اختيار مرضعته: تقليد أهل قريش كان إرسال أبنائهم إلى المراضع الأعرابيات، فاستفاد النبي ﷺ من حليمة السعدية التي قالت: “عندما أخذته، عدت به إلى رحلي، وعندما وضعته في حجري، أرضعته حتى شبع، وكنا نمتنا بخير ليلة”، واصفة البركة التي نالتها.
  • حادثة شق الصدر: حصلت عدة روايات تتحدث عن شق صدر النبي ﷺ، حيث أخرج جبريل ﷺ قلبه وغسله بماء زمزم، ليطهره من حظ الشيطان.
  • حفظه وعصمته من أفعال الجاهلية: كان الله قد حفظ النبي ﷺ من أوجه الفساد في الجاهلية، ولم يُصبه منها شيء.
  • رفع ذكره في العالمين: حيث لا يذكر الله إلا ويذكر معه اسم نبيه ﷺ. قال تعالى: {ورفعنا لك ذكرك} (الشرح: 4).
  • الأمر بالصلاة عليه: حيث يصلي الله وملائكته عليه، وقد أمرنا الله بالصلاة عليه أيضًا.

الاقتداء برسالة النبي ﷺ

إن منزلة الرسول ﷺ كانت عظيمة، وقد شهد له الجميع بحسن الخلق، حتى قيل له “الصادق الأمين” قبل البعثة. إن الاحتفال بمولده يجب أن يكون تجديدًا لنفوسنا ودعوة إلى التمسك بسيرته العطرة.

علينا أن نعود إلى قيم الإسلام التي دعا إليها الرسول ﷺ. قال ذو النون المصري: “من علامات المحب لله عز وجل متابعة حبيب الله ﷺ في أخلاقه وأعماله”.

فلنأخذ من حياته دروسًا ونمضي على نهجه، محققين سعادة الدنيا والآخرة.

نسأل الله أن يجعلنا من رفقاء النبي ﷺ في الجنة، وأن يحفظ وطننا من كل مكروه وسوء.


شارك