رئيس الوزراء يؤكد: عزم الحكومة على إيجاد حلول فعالة للتغلب على أزمة الديون

أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة تعمل بكل عزم وإصرار على إيجاد حلول فعالة لأزمة الديون، وهي على قناعة بالدور المحوري الذي ستلعبه هذه الجهود في تمكين تمويل التنمية المستدامة.
جاء ذلك خلال مشاركته نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي في مؤتمر الأمم المتحدة الرابع لتمويل التنمية، المنعقد بمدينة إشبيلية الإسبانية.
وأكد رئيس الوزراء أن التوقعات الحالية للاقتصاد العالمي تتسم بعدم اليقين، مضيفا أن ذلك يحدث في ظل ضعف آفاق النمو العالمي، وتصاعد التوترات التجارية، وارتفاع تكاليف التمويل، وتزايد المخاطر الجيوسياسية والمناخية.
رئيس الوزراء: مصر لم تتوقف عن جهودها لاحتواء ديونها.
صرّح مدبولي بأن مصر لم تتوقف عن جهودها للحد من الدين: “لقد اعتمدنا إصلاحات مالية جادة، لا سيما إصلاحات ضريبية تهدف إلى توسيع القاعدة الضريبية وتبسيط الإجراءات الضريبية على دافعي الضرائب. كما قمنا بتوسيع برنامج الإصدار العام، الذي يهدف إلى جذب الاستثمار الأجنبي، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، وتحفيز النمو الاقتصادي”.
وأضاف: “حققت مصر فوائض أولية بلغت 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الخمس الماضية، بما في ذلك العام الجاري، مما ساهم بشكل كبير في خفض الدين العام. ونستهدف تحقيق فائض أولي بنسبة 4% العام المقبل”.
وتابع مدبولي: “ساهم هذا، إلى جانب إجراءات أخرى، في خفض الدين العام من 96% من الناتج المحلي الإجمالي في يونيو 2023 إلى حوالي 90% في يونيو 2024. ومن المتوقع أن يصل إلى 86% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية السنة المالية 2024/2025”.
وأشار مدبولي إلى أن الحكومة ملتزمة بالحفاظ على الاتجاه النزولي لنسبة الدين.
رئيس الوزراء: مصر تركز على تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن التركيز في السياسة ينصب على تحقيق نمو اقتصادي مستدام بقيادة القطاع الخاص بهدف الحفاظ على الاتجاه النزولي لمؤشرات الدين، بما في ذلك الدين الخارجي وأعباء خدمة الدين، في الأمد المتوسط.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن مصر تسير على الطريق الصحيح نحو دمج وتطوير أدوات وتقنيات مالية جديدة ومبتكرة، ونفذت العديد من مشاريع التنمية، مع التركيز بشكل خاص على الطاقة المتجددة.
وأضاف: “ساهمت الاتفاقية التاريخية المبرمة العام الماضي بين رأس الخيمة والإمارات العربية المتحدة في جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 35 مليار دولار إلى البلاد، وهو أعلى مبلغ من الاستثمار الأجنبي المباشر تتلقاه البلاد على الإطلاق. ولم يقتصر دور هذه الاتفاقية على تخفيف ضغوط السيولة في مصر العام الماضي، بل فتحت أيضًا آفاقًا لمليارات الدولارات من الاستثمارات”.
وأضاف: “تشمل الخطة مشاريع سياحية وسكنية، ومناطق استثمارية، ومدن ترفيهية، بالإضافة إلى مرافق خدمية كالمستشفيات والمدارس والجامعات. كما تعمل الحكومة على إبرام صفقات إضافية لمبادلة الديون بالاستثمار، وهي تُحرز تقدمًا ملحوظًا، وقد أثبتت هذه الصفقات فائدتها للدائنين والمقترضين على حد سواء”.
وأوضح مدبولي أن إعادة توجيه وتنويع وتعزيز الدين لا يؤدي فقط إلى تحسين ملف ديوننا، بل يساهم أيضا بشكل أكبر في أجندتنا التنموية ويحسن نوعية الاستثمارات.
كما أعرب رئيس الوزراء عن تقديره لشركاء مصر في التنمية، قائلاً: “لا يقتصر هذا الدعم على المساعدات المالية فحسب، بل يشمل أيضًا المساعدة الفنية وبناء القدرات ونقل المعرفة، وهو ما يُمثل دافعًا قويًا”. وأكد دعم الحكومة للقطاع الخاص ودوره في الاقتصاد.
مدبولي: يجب تطوير البنية المالية العالمية بشكل أكبر لدعم الدول النامية.
فيما يتعلق بمشاركة مصر ودعمها لإصلاحات الهيكل المالي العالمي، قال مدبولي: “مع تقدمنا نحو تحقيق أهدافنا التنموية، يجب أن يتطور الهيكل المالي الدولي القائم لدعم الدول النامية بشكل أفضل. وأضاف أن النظام المالي الدولي بحاجة إلى إعادة هيكلة جذرية لضمان الوصول المستدام إلى تمويل طويل الأجل وبتكلفة معقولة، ولتمكين آليات عادلة وفعالة لتسوية الديون. هذه التحسينات ليست مجرد حلول تقنية؛ بل هي ضرورية لاستعادة الثقة في النظام العالمي وتزويد الدول بالأدوات اللازمة للاستثمار في شعوبها وكوكبها ومستقبلها”.
وأضاف رئيس الوزراء: “إنني أؤمن بشدة بأن البلدان النامية تحتاج إلى صوت أقوى ومجال أوسع في عملية صنع القرار”.
وأكد مدبولي أن توسيع نطاق مقايضات الديون، وخفض تكاليف المعاملات، وإعادة توجيه حقوق السحب الخاصة، وتسخير قوة المؤسسات المالية الدولية لجمع رأس المال، كلها أولويات إصلاحية مهمة.
وشدد أيضاً على أهمية مراعاة الظروف الخاصة بكل دولة عند طرح مقترحات تمويل التنمية وتخفيض الديون، على الرغم من وجود بعض المقترحات القيمة من المؤسسات الدولية والتي يمكن الاستفادة منها.
واختتم رئيس الوزراء حديثه قائلاً إن الزخم الذي شهده منذ اليوم الأول للمؤتمر جعله متفائلاً بالحلول والإصلاحات التي نوقشت وتفاوض عليها. وأضاف أن المقترحات كانت ممتازة، لكن الإرادة السياسية والثقة المتبادلة والشعور بالتضامن العالمي ضروريةٌ للغاية للمضي قدمًا. وشكر المنظمين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي على استضافة هذا الحدث، وتطلع إلى مزيد من التعاون البنّاء.
وزيرا التعاون الدولي والمالية يستعرضان جهود مصر في مجال تمويل التنمية.
وخلال اللقاء، ناقشت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، جهود الوزارة في تمويل مشروعات التنمية في مصر من خلال آليات جديدة ومبتكرة بالتعاون مع مختلف الجهات والمؤسسات الدولية المانحة، فضلاً عن جهود الدخول في مبادلات الديون مع الدول والمؤسسات الشريكة.
من جانبه، أكد وزير المالية أحمد كوجوك على أهمية التعاون بين مختلف الأطراف، بما في ذلك الدول الأفريقية والمؤسسات المالية الدولية، لدعم تمويل التنمية في جميع أنحاء القارة. ونوه بجهود مصر في مجال تمويل التنمية عبر آليات تمويلية متنوعة.
خلال حلقة النقاش، استعرض وزير المالية جهود الحكومة المصرية لدعم مسيرة التنمية مع الحفاظ على اتجاه تنازلي للدين العام. كما نفّذ عملية إصلاح اقتصادي شاملة تهدف إلى زيادة معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى العديد من الإجراءات الإصلاحية الأخرى.
محيي الدين: علينا جميعا أن نعمل معا لحل أزمة الديون.
أكد الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، والذي عيّنه الأمين العام للأمم المتحدة رئيسًا للفريق رفيع المستوى المعني بحل أزمة الديون العالمية، أن أزمة الديون لا يمكن أن تستمر في صمت. يجب علينا جميعًا العمل معًا لحلها حتى لا تُشكّل تحديات إضافية في مجالات حيوية كالتعليم والصحة والنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في البلدان المتضررة.
استعرض محيي الدين المقترحات الأحد عشر الهادفة إلى تخفيف عبء الديون الحالي، وإيجاد حلول فورية، ووضع آليات لمنع تكرار أزمة الديون مستقبلاً. وأضاف: “هذه المقترحات ذات طابع تنفيذي، وتُكمل الالتزامات التي أقرها مؤتمر إشبيلية. وتهدف إلى كسر الحلقة المفرغة لأزمة الديون، وإرساء أسس تمويل طويل الأجل وبتكلفة معقولة لتحقيق التنمية المستدامة”.
وخلال الجلسة، ركزت حلقة نقاشية على كيفية دعم جهود التعاون بين البلدان الأفريقية والشركاء المانحين والمؤسسات المالية الدولية، فضلاً عن تدابير الإصلاح الاقتصادي اللازمة لدعم جهود التنمية المستدامة في البلدان الأفريقية.