زيارة تاريخية مثمرة للرئيس الفرنسي لمصر حملت رسائل دعم ومرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي

وأكدت الزيارة التاريخية والمثمرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر، تطابق وجهات النظر بين البلدين حول العديد من القضايا والموضوعات ذات الأولوية. ونقل العديد من رسائل الدعم الفرنسي لجهود القاهرة الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وتعزيز السلام. كما هدف اللقاء إلى تعزيز وتوطيد علاقات التعاون المشترك وبدء مرحلة جديدة من خلال الارتقاء بالعلاقات المصرية الفرنسية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
وفي تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الثلاثاء، اتفق دبلوماسيون على أن زيارة الرئيس الفرنسي إلى مصر تحظى بمتابعة وثيقة من البلدين، خاصة أنها تأتي في وقت بالغ الخطورة والحساسية، في ظل الوضع المأساوي في غزة، وضرورة تنفيذ الخطة المصرية العربية لإعادة إعمار غزة سريعاً، وإحباط خطة طرد الفلسطينيين من أرضهم. وأشادا بالمستوى غير المسبوق الذي وصلت إليه العلاقات الثنائية في مختلف المجالات والتي أصبحت مثالا يحتذى به، فضلا عن الثقة الكبيرة بين البلدين والصداقة الوثيقة التي تربطهما. وأشادوا بالتزام الرئيس ماكرون خلال زيارته لمصر، والتي زار خلالها مدينة العريش ومينائها – القريب من معبر رفح الحدودي – واجتمع مع أعضاء الهلال الأحمر المصري والقوات الفرنسية المنتشرة ضمن بعثة مراقبة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي، المقرر نشرها. ويبعث هذا برسالة واضحة للعالم مفادها أن فرنسا تدعم السلام ووقف إراقة الدماء، وتدعو إلى تقديم المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، وتدعم الخطة المصرية العربية لإعادة بناء قطاع غزة. وفي هذا السياق، أكد السفير منير زهران، الرئيس الأسبق للمجلس المصري للشؤون الخارجية، أن زيارة الرئيس الفرنسي لمصر تعكس مدى عمق العلاقات القوية والمتميزة بين القاهرة وباريس. كما أنها وفرت الزخم لمزيد من التعاون المشترك في مختلف المجالات ذات الأولوية التي تخدم مصالح البلدين وتطلعات الشعبين الصديقين. وذكر أن الرئيس ماكرون شدد خلال الزيارة على الصداقة التاريخية والشراكة الاستراتيجية التي نشأت بين مصر وفرنسا. وأشاد أيضا بجهود مصر المتواصلة لتعزيز الاستقرار الإقليمي وحتى العالمي، وجهودها في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية التي تعاني منها أوروبا، واستضافتها لأكثر من تسعة ملايين لاجئ. وأكد السفير منير زهران أهمية الرسالة التي حملها الرئيس الفرنسي خلال زيارته لمدينة العريش. وأكد على جهود مصر في حشد المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة، معربا عن تقدير بلاده لالتزام مصر بمسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني. وأكد أهمية القمة الثلاثية التي جمعت رؤساء دول وحكومات مصر والأردن وفرنسا خلال زيارة الرئيس ماكرون للقاهرة. وأكدا خلال محادثتهما الهاتفية المشتركة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على ضرورة وقف إطلاق النار بشكل عاجل في قطاع غزة، واستئناف المساعدات الإنسانية، والإفراج الفوري عن جميع الأسرى والمعتقلين، وضرورة تهيئة الظروف وحشد الجهود الدولية لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وإعادة الأمن والسلام للجميع، وتطبيق حل الدولتين. وأشار السفير منير زهران إلى أن مصر وفرنسا تعملان معًا بإرادة سياسية قوية لتعزيز علاقات التعاون وبالتالي تحقيق المنفعة المتبادلة والاستقرار في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب البحر الأبيض المتوسط. وقال السفير عمرو رمضان نائب وزير الخارجية الأسبق، إن زيارة الرئيس الفرنسي لمصر تأتي في إطار التنسيق والتشاور المستمر بين قيادتي البلدين حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، سواء الثنائية أو الإقليمية أو الدولية، خاصة في ظل الأوضاع المضطربة في الشرق الأوسط والعالم بعد الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضتها الولايات المتحدة على الواردات من أوروبا وبعض الدول الأخرى. وأضاف السفير عمرو رمضان أن الرئيس الفرنسي يتمتع بعلاقة صداقة وعمل وثيقة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأن هناك ثقة واحترام متبادلين بينهما، فضلاً عن الاستعداد لتبادل وجهات النظر والتعاون المستمر. وأشار إلى سعي الرئيس ماكرون إلى أن يكون موقف فرنسا من العدوان الإسرائيلي على غزة وأرضها وشعبها مختلفا عن مواقف عدد من الدول الغربية والأوروبية. منذ اندلاع الأحداث في أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعمل باريس على تهدئة الوضع وتعزيز بدء العملية السياسية. وعليها في هذا الصدد أن تحترم العقل والمصلحة العامة وتلتزم بمبادئ القانون الدولي وأحكام القانون الإنساني الدولي. وفي هذا السياق، أشار إلى أن هذه الزيارة المهمة للقاهرة تشكل إشارة إلى أن فرنسا مستعدة لتحقيق هذا الهدف المشترك والعمل مع مصر. وأشار إلى أن فرنسا عارضت بشكل واضح خطة التهجير القسري لأشقائنا الفلسطينيين، وشدد على ضرورة العمل وفق المرجعيات الدولية المتفق عليها. وأشاد بالرئيس الفرنسي لزيارته إلى العريش للتأكيد على موقف باريس الداعي إلى وقف فوري لإطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية بسرعة لأهالي قطاع غزة. وأعرب أيضا عن تقدير فرنسا للدور المهم الذي تلعبه مصر في حل الأزمة الإنسانية في قطاع غزة. وأشاد السفير عمرو رمضان بإعلان فرنسا دعمها القوي للخطة المصرية العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، وكذلك دعمها للحل السياسي العادل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. أكد السفير أيمن مشرفة نائب وزير الخارجية الأسبق أن زيارة الرئيس الفرنسي للقاهرة تأتي في وقت حرج بالنسبة للشرق الأوسط بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة بهدف تهجير سكانه. وأكد أهمية اللقاء الثنائي بين الرئيس السيسي والرئيس ماكرون، حيث سيعقد يوم 12. وقد أتاحت القمة بين الرئيسين فرصة لإجراء مشاورات ثنائية حول القضايا الإقليمية، وخاصة الوضع في البحر الأحمر وليبيا والسودان ولبنان وسوريا، فضلاً عن التعاون بشأن الإرهاب والهجرة غير الشرعية وقضية مياه النيل. وأشاد بالتوافق بين البلدين في معظم القضايا ذات الاهتمام المشترك وكذلك القضايا التقليدية المتعلقة بتنمية العلاقات الاقتصادية والثقافية. وأشار إلى أن باريس تعد أحد أهم الشركاء التجاريين للقاهرة في الاتحاد الأوروبي. وتتواجد في مصر نحو 168 شركة فرنسية توفر نحو 50 ألف فرصة عمل، وتشارك في مشاريع وطنية مهمة، مثل المترو والقطار السريع ومشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة. وأكد أن العلاقات المصرية الفرنسية نموذجية وترتكز على الروابط التاريخية والثقة المتبادلة. وأشار إلى أن فرنسا تعتبر مصر شريكا استراتيجيا و”حجر زاوية” للأمن والاستقرار في المنطقة، وكذلك “توازن القوى” في الشرق الأوسط. وفوق كل ذلك، لأن البلاد تتمتع بالأمن والاستقرار رغم الأزمات التي تحيط بها من كل جانب. وأشار إلى أن فرنسا تدرك الدور المهم للدبلوماسية المصرية في تهدئة الصراعات في أفريقيا والشرق الأوسط، حيث تتمتع مصر بخبرة واسعة وعلاقات طويلة الأمد مع كافة الأطراف المعنية بالصراعات الإقليمية. وأشار إلى أن فرنسا، فضلاً عن نفوذها الدولي وعضويتها في مجلس الأمن وتأثيرها على سياسة الاتحاد الأوروبي، تعد أيضاً شريكاً استراتيجياً لمصر. وبالإضافة إلى ذلك، تدعم البلاد بقوة خطة مصر لإعادة بناء قطاع غزة، وترفض طرد سكانه، وتوافق على أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام في المنطقة. واختتم السفير أيمن مشرفة كلمته بالقول إن زيارة الرئيس ماكرون إلى العريش أقرب مكان للحرب الدائرة في غزة هي رسالة من فرنسا للعالم تدعو إلى وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية لشعب غزة وإنشاء ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية.