"عطش الجيزة" يفضح الإهمال.. 48 ساعة بلا مياه تكشف غياب خطط الطوارئ وارتباك في إدارة الأزمة

منذ 3 ساعات
"عطش الجيزة" يفضح الإهمال.. 48 ساعة بلا مياه تكشف غياب خطط الطوارئ وارتباك في إدارة الأزمة
عطش الجيزة

في واقعة أثارت غضب آلاف الأسر، عاشت مناطق واسعة في محافظة الجيزة 48 ساعة كاملة من العطش والانقطاع التام لمياه الشرب، ما كشف بوضوح عن فشل الجهات المعنية في التعامل السريع والفعّال مع الأزمة، وغياب منظومة طوارئ حقيقية يمكن التعويل عليها في وقت الأزمات.

أزمة بدأت فجأة.. والمواطنون يدفعون الثمن

في الساعات الأولى من فجر الجمعة 25 يوليو 2025، فوجئ سكان مناطق عديدة بالجيزة بانقطاع مفاجئ للمياه دون تنبيه مسبق. ومع مرور الساعات دون عودة الخدمة، تصاعدت الشكاوى وتكاثرت الاستغاثات على مواقع التواصل الاجتماعي من مواطنين أكدوا عدم وجود أي مصدر بديل للمياه، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة.

التسريب الكبير.. السبب الحقيقي خلف انقطاع المياه

شركة مياه الجيزة كشفت لاحقًا أن السبب يعود إلى تسريب ضخم في خط رئيسي قطره 800 مم أسفل مسار مترو الخط الثالث الجديد للطريق الدائري. هذا التسريب تسبب في وقف الضخ من محطة مياه جزيرة الدهب، ما أثر بشكل مباشر على تغذية عشرات المناطق بالمحافظة.

الغريب أن هذا العطل كان متوقعًا بسبب أعمال المترو، ما يطرح تساؤلات جدية حول عدم اتخاذ احتياطات مسبقة أو إعداد خطة بديلة لتقليل الضرر عن المواطنين.

انقطاع الكهرباء زاد الطين بلة

لم يتوقف الأمر عند التسريب فقط، إذ شهدت محطة "جزيرة الدهب" أيضًا انقطاعًا مفاجئًا للتيار الكهربائي، ما أدى إلى توقف عملية الضخ بالكامل. وأكدت مصادر أن المحطة لم تكن مزودة بوحدات طوارئ كافية، وهو ما زاد من فترات الانقطاع، رغم أن تشغيل محطات المياه يجب أن يكون محصنًا ضد مثل هذه الأعطال الأساسية.

مناطق الجيزة بين العطش والتجاهل

المناطق المتضررة لم تكن قليلة، فقد شمل الانقطاع مناطق:

  • جزيرة محمد

  • بشتيل

  • المسابك

  • وراق العرب

  • الطوابق

  • العمرانية

  • جزء من الدقي والهرم وفيصل

في هذه المناطق، اضطر المواطنون لشراء مياه معدنية بأسعار باهظة، بينما لجأ البعض لاستخدام مياه غير صالحة للشرب في الاستعمالات اليومية، مما يزيد خطر التعرض للأمراض.

استغاثات بالجملة.. والمسؤولون يلتزمون الصمت

الاستغاثات على صفحات السوشيال ميديا تحوّلت إلى "صرخة جماعية" ضد الإهمال، وسط غياب أي تواصل مباشر من المسؤولين. أحد السكان كتب عبر فيسبوك:

"إحنا بقالنا يومين مفيش نقطة ميه في البيت، لا للشرب ولا للغسيل.. الناس بتنقل الجراكن من الشارع، دي مش عيشة!"

بينما تساءل آخر:

"فين خطط الطوارئ؟ فين المسؤولين؟ الأزمة دي بتتكرر كل صيف، ومفيش حلول!"

شركة المياه ترد: سيارات مياه للتوزيع

في محاولة لاحتواء الغضب، أعلنت شركة مياه الجيزة تخصيص سيارات محملة بالمياه الصالحة للشرب لتوزيعها في المناطق الأكثر تضررًا، ويمكن للمواطنين طلبها من خلال الخط الساخن 125. لكن هذه الخطوة جاءت متأخرة، وبعد تفاقم الأزمة بالفعل، ما جعل الكثيرين يعتبرونها حلاً تجميليًا وليس حقيقيًا.

المحافظ يتدخل متأخرًا.. وضخ المياه يعود تدريجيًا

بعد أكثر من 40 ساعة من الانقطاع، أعلن محافظ الجيزة عن بدء عودة الكهرباء للمحطة المتوقفة، وبدء ضخ المياه بشكل تدريجي. وأشار إلى أن العمل جارٍ على إصلاح التسريب واستبدال الوصلات المتضررة، مؤكدًا أن الضخ سيستقر خلال ساعات.

من يتحمل المسؤولية؟ المواطن وحده الضحية

تطرح هذه الأزمة سؤالًا صارخًا: لماذا لا يتم تفعيل خطط الطوارئ؟ ولماذا تظل الجهات المعنية تتعامل مع الكوارث بعد وقوعها بدلًا من التحرك الاستباقي؟

ما حدث في الجيزة ليس حادثًا نادرًا أو استثنائيًا، بل هو نموذج متكرر سنويًا في فصل الصيف، سواء بسبب أعمال صيانة، أو عطل مفاجئ، أو انقطاع في الكهرباء. في كل مرة، يكون المواطن هو الحلقة الأضعف، ويُترك ليبحث عن "جركن مياه" بينما المسؤولون يتحدثون عن "جهود إصلاح" قد تأتي أو لا.


شارك