ظاهرة تزويج الأطفال: كيف تُهدد براءة البنات بين التساؤلات حول «الستر» وضغوط التقاليد؟

على امتداد مساحة تقترب من مليون كيلومتر مربع من مصر، وفي مئات القرى في الوجه البحري والصعيد، تُدفن الفتيات أحياءً تحت مسمى “عروس”. تنتهي طفولتهن في لحظة واحدة: “عقد الزواج”. تُزوج الفتيات الصغيرات وفقًا للعرف، لا القانون، وبتصويت رجل (عادةً ما يكون شيخ المسجد). في تجمع عائلي (أو لمّ شمل)، تُسلّم الفتاة الصغيرة إلى شريك حياة مجهول وتُسجّل في سجلات الوعي الجماعي، وليس في سجلات الدولة، كـ”ربة منزل”.
بين أوراق غير مكتوبة، وولادات بلا شهادات، وزواج غير معترف به، تدفع الفتاة الثمن وحدها. تُنتزع من طفولتها وتُثقل كاهلها بما لا طاقة لها به روحها ولا جسدها. تُحرم أحيانًا من الأمومة، وتُجبر أحيانًا على الطلاق دون إثبات زواجها. هذه عادة، بل “عرف”، يمارسها الكثيرون يوميًا دون خجل، رغم أنها مُعاقب عليها قانونًا ومخاطرها الطبية والنفسية مُثبتة.
في هذه القرى، لا صوت يعلو على قانون “الإخفاء”، حتى لو جاء ذلك على حساب طفل انتُزع من طفولته وأُلقي في متاهة لا يستطيع الهروب منها ولا البقاء على قيد الحياة.