توقعات خفض أسعار الفائدة بفضل تراجع التضخم واستقرار الأسواق الاقتصادية

توقع الدكتور محمد عبد الوهاب، الخبير الاقتصادي، أن تعلن لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري عن خفض أسعار الفائدة بمقدار يتراوح بين 150 و200 نقطة أساس (من 1.5% إلى 2%) خلال اجتماعها المرتقب يوم الخميس. واعتبر هذه الخطوة “تاريخية” تهدف إلى تنشيط الاقتصاد، وتحفيز الاستثمار، وتخفيف الأعباء التمويلية على الشركات والأفراد، خاصة في ظل مؤشرات إيجابية تشير إلى تراجع الضغوط التضخمية وتحسن الأداء الاقتصادي.
مؤشرات اقتصادية تدعم خفض الفائدة
أشار عبد الوهاب إلى أن الأوضاع الاقتصادية الحالية تمنح البنك المركزي المساحة اللازمة للتحرك، حيث تراجع التضخم السنوي في المدن إلى 13.9% في يوليو مقارنة بـ14.9% في يونيو بفضل انخفاض أسعار اللحوم والدواجن والخضراوات. كما سجل التضخم الشهري انخفاضًا بنسبة 0.5% وفقًا لبيانات جهاز الإحصاء (CAPMAS)، في حين ارتفع التضخم الأساسي بشكل طفيف إلى 11.6% من 11.4%، وهو مستوى يدعم اتخاذ إجراءات تيسيرية في السياسة النقدية.
وأضاف: “تعكس هذه المؤشرات نجاح السياسات الحكومية في ضبط السوق واستقرار الأسعار، خصوصًا مع المبادرات التي ساهمت في زيادة المعروض من السلع وتقليص تكاليف المعيشة للمواطنين”.
التوقعات العالمية تؤيد خفض الفائدة
سلّط عبد الوهاب الضوء على أن توجه الفيدرالي الأمريكي نحو خفض الفائدة في سبتمبر يوفر للبنك المركزي المصري فرصة إضافية لإجراء تخفيض أكبر، مع المحافظة على جاذبية أدوات الدين المصرية للمستثمرين الأجانب.
وأوضح عبد الوهاب أن استطلاعات الرأي توقعت خفض الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس فقط في اجتماع الخميس، إلا أنه يرى أن “الوضع الحالي يدعم خفضًا أكبر بكثير، خاصة بعد الرفع الكبير لأسعار الفائدة في مارس الماضي في إطار تشديد السياسة النقدية للسيطرة على التضخم”.
تيسير السياسة النقدية في مصر
منذ أبريل الماضي، بدأ البنك المركزي في تخفيف سياسته النقدية، بعد أن رفع أسعار الفائدة بشكل حاد في مارس أثناء تحرير سعر الصرف وتلقي مصر حزمة تمويلية بقيمة 8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي. حيث خفضت الفائدة بمقدار 2.25% في أبريل، ثم 1% في مايو، قبل أن يثبتها في يوليو.
تأثير الخفض المتوقع على الاستثمار وسوق المال
أكد عبد الوهاب أن أي خفض كبير في أسعار الفائدة سينعكس إيجابيًا على بيئة الاستثمار المحلي وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مع تقليل تكلفة التمويل على الشركات الصناعية والخدمية. هذا سيؤدي إلى تعزيز معدلات النمو وتشجيع التوسع في خطوط الإنتاج، كما سيساهم في تحفيز سوق المال وزيادة السيولة في البورصة المصرية، إذ عادةً ما تتجه السيولة نحو الأسهم عند خفض العائد على الودائع والأدوات المالية.
وأضاف: “خفض الفائدة سيعيد التوازن بين تكلفة الاقتراض والعائد على الاستثمار، مما يعزز من جهود الحكومة لدعم القطاع الخاص وزيادة مساهمته في النمو الاقتصادي”.
توقعات مستقبلية تدعم المسار التيسيري
وفقًا لتوقعات مؤسسة فيتش سوليوشنز، سيتبنى البنك المركزي سياسة التيسير النقدي تدريجيًا، ليصل معدل الفائدة إلى 12% بنهاية 2025، ثم إلى 11.25% في 2026، ليستقر عند مستويات منخفضة تاريخيًا تتراوح حول 8.25% في الأعوام من 2028 إلى 2034.
اختتم عبد الوهاب تصريحاته قائلًا: “يأتي الاجتماع المرتقب للجنة السياسة النقدية في ظل مؤشرات اقتصادية إيجابية، أبرزها انخفاض التضخم، استقرار سعر الصرف، وتوافر الدولار في الجهاز المصرفي، مما يجعل خفض أسعار الفائدة قرارًا استراتيجيًا لتحفيز الاقتصاد الوطني وتحقيق معدلات نمو مستدامة”.
تجتمع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري يوم الخميس لاجتماعها الخامس لهذا العام لتحديد أسعار الفائدة. وقد خفضت أسعار الفائدة بالفعل بمقدار 3.25% على مرحلتين، لتكون أول خطوة لها منذ أكثر من أربع سنوات ونصف، حيث تم تقليص الفائدة بمقدار 2.25% في إبريل، ثم أضيف خفض آخر بواقع 1% في مايو، قبل أن تثبت عند 24% للإيداع و25% للإقراض.