نهاية تاريخية لصراع استمر 40 عامًا.. أوجلان يعلن تحول حزب العمال الكردستاني من الكفاح المسلح إلى العمل السياسي
في تحول مفصلي، أعلن عبد الله أوجلان، الزعيم المسجون لحزب العمال الكردستاني، انتهاء الكفاح المسلح للجماعة ضد الدولة التركية، داعيًا إلى تبني مسار سياسي ديمقراطي شامل. وجاءت هذه الرسالة التاريخية، التي سُجلت في يونيو ونُشرت عبر وكالة "فرات" المقربة من الحزب، لتشكل بداية مرحلة جديدة في الملف الكردي داخل تركيا.
ودعا أوجلان البرلمان التركي إلى تشكيل لجنة خاصة للإشراف على عملية نزع السلاح، وقيادة مفاوضات سلام شاملة، مؤكدًا أن الحزب "أنهى أجندته الانفصالية"، واصفًا التحول بـ"الانتصار التاريخي".
حل حزب العمال الكردستاني رسميًا ونهاية للصراع المسلح
في مايو الماضي، أعلن حزب العمال الكردستاني رسميًا حله الذاتي، مؤكدًا إنهاء صراعه المسلح الذي امتد لعقود. وتأتي هذه الخطوة استجابة لدعوة أوجلان التي أطلقها في مارس، والتي طالب فيها المقاتلين الأكراد بحل التنظيم والاتجاه نحو العمل السياسي السلمي.
وكان الحزب قد بدأ حملته المسلحة في عام 1984، بهدف إقامة دولة كردية مستقلة، وأسفر الصراع عن سقوط أكثر من 40 ألف قتيل، وأثار أزمات اقتصادية واجتماعية في تركيا.
خطوة نحو التسوية السياسية: دعوات لتشكيل لجنة برلمانية
شدد أوجلان في رسالته على ضرورة تأسيس لجنة برلمانية لمراقبة تنفيذ عملية نزع السلاح، والعمل على فتح قنوات تفاوض سياسي بين الدولة التركية وممثلي الأكراد. وأشار إلى أن "تحقيق الاعتراف بالهوية الكردية يمثل جوهر النضال"، مضيفًا أن المرحلة القادمة يجب أن تركز على بناء سلم اجتماعي دائم.
حزب الشعوب الديمقراطي يدعم الانتقال السلمي
أعرب حزب المساواة والديمقراطية للشعوب، ثالث أكبر الأحزاب في البرلمان التركي، عن دعمه الكامل لقرار نزع السلاح. وصرّحت المتحدثة باسم الحزب، عائشة جول دوغان، بأن تسليم أسلحة مقاتلي الحزب سيبدأ الجمعة في مدينة السليمانية شمال العراق، مؤكدة أهمية توفير ضمانات قانونية تضمن ديمومة العملية.
وأضافت أن وفدًا من الحزب سيشارك في مراسم التسليم إلى جانب قيادات سابقة من حزب العمال الكردستاني، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون السياسي بين الدولة والمجتمع الكردي.
أردوغان: لن نسمح بتخريب هذه الخطوة التاريخية
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التزام بلاده بمراقبة تنفيذ هذه العملية التاريخية، مشددًا على أن الحكومة "لن تسمح لأي جهة بمحاولة تخريب عملية نزع السلاح".
وفي كلمة له أمام نواب حزب العدالة والتنمية، أشار أردوغان إلى أنه يتوقع تطورات إيجابية خلال الأيام القادمة، واصفًا قرار حل الحزب بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح نحو إنهاء عقود من العنف".
تحول استراتيجي في مستقبل القضية الكردية
جاء هذا التحول بعد سنوات من الجدل السياسي والعسكري، وتُعتبر الخطوة بمثابة بداية لعصر جديد في العلاقة بين الدولة التركية والمواطنين الأكراد. وأكد المؤتمر الأخير الذي عقدته قيادات الحزب المنحل أن "المهمة التاريخية للحزب قد اكتملت، وتم تحقيق الاعتراف السياسي بالقضية الكردية عبر الوسائل الديمقراطية".
وبذلك، تسدل تركيا الستار على أحد أعقد ملفاتها الأمنية والسياسية، وسط آمال واسعة بأن يكون هذا الإعلان بداية لسلام شامل ودائم.
