التدخل العسكري الروسي في سوريا يعزز مصالح موسكو في المنطقة

منذ 10 سنين
التدخل العسكري الروسي في سوريا يعزز مصالح موسكو في المنطقة
التدخل العسكري الروسي في سوريا

في ظل التطورات المتلاحقة التي شهدتها سوريا، لعبت روسيا دوراً محورياً بدعمها العسكري والسياسي لنظام الرئيس بشار الأسد، في خطوة أعادت ترتيب التوازنات الإقليمية والدولية. التدخل العسكري الروسي لم يكن فقط لدعم حليف تقليدي، بل كان بمثابة نقطة ارتكاز استراتيجية لموسكو في شرق المتوسط، مما منحها موطئ قدم دائم في منطقة حيوية تشهد صراع نفوذ بين قوى إقليمية ودولية.

روسيا لم تكن وحدها في هذا التحالف، فقد وجدت في إيران شريكاً ميدانياً فاعلاً، حيث تقاتل ميليشيات تابعة لطهران، من بينها قوات الحرس الثوري الإيراني وعناصر من حزب الله اللبناني، إلى جانب قوات الأسد في مواجهة فصائل المعارضة المسلحة وتنظيم داعش.

ومع تصاعد الأحداث، دفعت موسكو خلال الأسابيع الأخيرة بتعزيزات عسكرية جديدة، وأقامت قاعدة جوية بالقرب من دمشق، في مؤشر واضح على نيتها المضي قدماً في تعميق وجودها العسكري.

الموقف الأمريكي من التدخل العسكري الروسي في سوريا

التحركات الروسية أثارت قلق واشنطن، التي عبّرت عن رفضها لهذا التدخل علناً. وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أعرب عن هذا الموقف في مكالمة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، الذي دافع عن الخطوة الروسية بوصفها دعماً ضرورياً للجيش السوري في مواجهة الإرهاب.

لافروف دعا في 9 سبتمبر 2015 إلى التنسيق بين الجيشين الروسي والأمريكي لتفادي أي صدام غير مقصود، مشدداً على أن بلاده لا تنوي خرق القانون الدولي، وأن مناوراتها العسكرية في البحر المتوسط تجري بشكل شرعي.

في المقابل، وصف نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد التقارير الإعلامية عن تدخل روسي واسع بأنها "إشاعات" تهدف إلى تشويه الموقف الروسي، متهماً واشنطن وإسرائيل بالسعي لإطالة أمد الإرهاب في المنطقة. وشدد المقداد على أن الوجود الروسي في سوريا لا يتعدى وجود مستشارين عسكريين في إطار اتفاقيات سابقة.

من جهتها، أكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن الدعم العسكري الروسي لسوريا لم يكن يوماً سرياً، مشيرة إلى وجود خبراء روس يساعدون الجيش السوري في تشغيل المعدات الروسية فور تسلمها.

لكن التوتر بين موسكو وواشنطن تصاعد، حيث اتهم لافروف في 13 سبتمبر الولايات المتحدة بالتقاعس عن استهداف مواقع داعش رغم امتلاكها معلومات دقيقة، ملمحاً إلى وجود أهداف غير معلنة لتحالفها الدولي.

الإعلام الإسرائيلي يعظم التدخل العسكري الروسي في سوريا

الإعلام الإسرائيلي تبنّى خطاباً مختلفاً، إذ ضخّم من حجم التدخل الروسي، معتبراً أنه يصب في مصلحة تل أبيب بشكل غير مباشر. وأكدت تقارير أن الحرس الثوري الإيراني شارك لأول مرة في معارك إلى جانب قوات الأسد في الزبداني، بسبب عجز النظام السوري وحزب الله عن حسم المعركة.

موقع "ديبكا" الأمني الإسرائيلي ذهب إلى حد الحديث عن توجه الغواصة النووية الروسية العملاقة "ديمتري دونسكوي" إلى قبالة السواحل السورية، محمّلة بصواريخ نووية، وهو ما اعتُبر تصعيداً يغيّر قواعد اللعبة في المنطقة.

وسعى الإعلام الإسرائيلي لترويج فكرتين أساسيتين: أولاً، وجود تنسيق مباشر بين موسكو وتل أبيب لتفادي أي صدام عسكري. وثانياً، أن إيران باتت أكثر حذراً في التعامل مع إسرائيل من الأراضي السورية، بعد رسائل الردع التي وجّهتها تل أبيب عبر استهداف عناصر من الحرس الثوري وحزب الله في الجولان.

أهداف روسيا من تعزيز تدخلها العسكري في سوريا

من خلال تتبع مجريات الأحداث، يمكن استخلاص عدة أهداف تسعى موسكو لتحقيقها عبر تعزيز وجودها العسكري في سوريا:

  1. استخدام الملف السوري كورقة ضغط على الولايات المتحدة، بهدف فضح ازدواجية مواقفها من محاربة الإرهاب.

  2. تعزيز الوجود الروسي في البحر المتوسط، خاصة في ميناء اللاذقية.

  3. الانضمام إلى الحملة الدولية ضد داعش لتخفيف الضغط الغربي على موسكو بشأن الملف الأوكراني.

  4. تثبيت نظام الأسد في الحكم باعتباره حليفاً أساسياً، وإثبات أن روسيا عادت كلاعب رئيسي ومؤثر في الشرق الأوسط.

وبهذا، يظل الملف السوري ساحة مفتوحة أمام تنافس دولي معقد، تتداخل فيه حسابات المصالح، وتتباين فيه الاستراتيجيات، بينما يدفع الشعب السوري وحده كلفة هذا الصراع المستمر.


شارك