“حشد: الاحتلال يزيد من معاناة المدنيين ويحول غزة إلى مقبرة جماعية مع استمرار المجاعة والمجازر المروعة”

منذ 6 ساعات
“حشد: الاحتلال يزيد من معاناة المدنيين ويحول غزة إلى مقبرة جماعية مع استمرار المجاعة والمجازر المروعة”

تتابع اللجنة الدولية لحقوق الشعب الفلسطيني (هاشد) بقلق بالغ وتدين تصعيد الإبادة الجماعية والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة للشهر الثاني والعشرين على التوالي، وما نتج عنه من مجاعة وكارثة إنسانية غير مسبوقة، نتيجة سياسة القتل الجماعي والتدمير والتهجير القسري والحصار والجوع والعطش، والاستهداف الممنهج لجميع مناحي الحياة. ويشكل ذلك انتهاكًا صارخًا ومتعمدًا لأبسط القيم الإنسانية، ولأحكام القانون الدولي الإنساني، ومعايير حقوق الإنسان، وقرارات محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة.

وفقاً لبيانات ميدانية ورصد أجرته اللجنة، ارتقى 61 شهيداً جراء قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي على مناطق متفرقة من قطاع غزة، وهجمات برية متواصلة على القطاع. وقد أسفر ذلك عن مجازر عديدة بحق المدنيين، في وقت تفاقمت فيه المجاعة الكارثية نتيجة استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وأعلنت وزارة الصحة عن حصيلة الشهداء يوم الأحد، حيث بلغ عدد الشهداء 134 شهيداً خلال الـ 24 ساعة الماضية، بينهم أربعة شُفيوا، و650 جريحاً. وبذلك يرتفع عدد قتلى حرب الإبادة والعدوان الإسرائيلي إلى 59029 شهيداً و142135 جريحاً بين الواصلين إلى المستشفيات منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ويبلغ عدد القتلى والجرحى منذ استئناف حرب الإبادة نتيجة خرق إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار في 18 مارس/آذار 2025، 8196 شهيداً و30094 جريحاً.

في أقل من 48 ساعة، ارتكب جيش الاحتلال عدة مجازر بحق المدنيين الجائعين الذين كانوا يبحثون عن الطعام والماء خارج نقاط توزيع المساعدات الإنسانية الأمريكية الإسرائيلية ونقاط دخول العدد المحدود من شاحنات المساعدات. ولقي 112 طالب إغاثة حتفهم نتيجة لذلك. وأفادت وزارة الصحة في غزة صباح اليوم الاثنين باستشهاد سبعة مدنيين جائعين قضوا أثناء تجمعهم بالقرب من نقطة التوزيع على محور المعراج. كما استشهد خمسة مدنيين بينهم امرأة، وأصيب آخرون عندما تعرضوا للهجوم خارج محطة تحلية المياه في حي الرمال بمدينة غزة. وانضموا إلى 99 شهيدًا سقطوا يوم الأحد في منطقة السودانية شمال غرب قطاع غزة، حيث أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي نيران أسلحتها المختلفة بشكل مباشر على حشد من المواطنين العزل الذين كانوا ينتظرون منذ ساعات الصباح الأولى دخول شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة عبر معبر زيكيم. كما وثقت الهيئة أقوال عدد من شهود العيان الذين كانوا حاضرين أو تم اعتقالهم وإطلاق سراحهم. وبحسبهم، دفنت قوات الاحتلال جثامين الشهداء الذين لم يتمكن عمال الإنقاذ والدفاع المدني والمواطنون من انتشالهم بالجرافات. وفي مقبرة جماعية بموقع المجزرة، في جريمة مروعة وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني الذي يضمن كرامة الموتى، ارتفع عدد الشهداء أمام أعين مراكز الإغاثة الأمريكية الإسرائيلية المجرمة، التي تحولت إلى مصائد موت للمدنيين الجائعين، الذين لا يشكل أي منهم خطرًا على جنود الاحتلال، إلى 1021 شهيدًا منذ 27 مايو/أيار 2025، أي أكثر من 6.511 جريحًا و70 مفقودًا وعشرات الأسرى.

وبحسب تقرير حشد، فإن اقتحام قوات الاحتلال بالقوة لمنطقتي حكر الجامع والبركة في دير البلح وسط قطاع غزة يعد تطورًا خطيرًا. هدفهم هو تفتيت القطاع وإنشاء محور عسكري جديد لمنع مرور وتواصل المواطنين والفرق الإنسانية. تزامن الهجوم البري المستمر على جنوب دير البلح مع قصف مدفعي عنيف دمر منازل العشرات من المواطنين، بعد ساعات فقط من إصدار أوامر تهجير قسري جديدة لسكان المناطق الجنوبية من دير البلح. أجبر هذا ما يقرب من 100 ألف مواطن، معظمهم مهجرون قسراً، على البحث عن مأوى في مناطق تفتقر حتى إلى أبسط الضروريات. وهم يضافون إلى ما يقرب من مليوني نازح محشورين حاليًا في أقل من 10٪ من قطاع غزة، يعيشون في ظروف إنسانية مزرية تصفها الأمم المتحدة بأنها جحيمية وغير صالحة للحياة. الجوع بين السكان يتفاقم. ويعاني السكان من الجوع منذ أسابيع، مع إغلاق المعابر الحدودية للشهر الخامس على التوالي، ومنع أو إعاقة وصول المساعدات الإنسانية، وارتفاع الأسعار، وعدم قدرة غالبية المواطنين على شراء السلع النادرة.

تدين اللجنة الدولية للصليب الأحمر بشدة اختطاف مدير المستشفيات الميدانية والناطق باسم الوزارة، الدكتور مروان الحماس، من قبل وحدة خاصة مسلحة تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في سيارة رباعية الدفع بعد ظهر يوم الاثنين. فاجأت الوحدة الخاصة الجمهور في مقهى على شاطئ البحر في خان يونس، جنوب قطاع غزة، مقابل مستشفى الصليب الأحمر. وأسفر ذلك عن استشهاد الصحفي تامر الزعانين وإصابة الصحفي إبراهيم أبو عشيبة وسائق سيارة الإسعاف التي نقلت الدكتور الحماس قبل اختطافه. وتُعد هذه الجريمة تصعيدًا في جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي التي استهدفت المستشفيات والكوادر الطبية، مما أسفر عن مقتل 1580 واعتقال 360 آخرين، بمن فيهم مدير مستشفى كمال عدوان، حسام أبو صفية، والدكتور أحمد مهنا، مدير مستشفى العودة في شمال قطاع غزة. وهذا يشكل انتهاكًا واضحًا للقانون الإنساني الدولي.

في غضون ذلك، أعلنت وزارة الصحة اليوم إغلاق مستشفى شهداء الأقصى بشكل كامل بسبب نقص الوقود. في الوقت نفسه، من المتوقع إغلاق مستشفى الشفاء والمستشفى المعمداني وغيرهما من المرافق الطبية خلال ساعات. وهذا يُهدد حياة سكان قطاع غزة الذين يعانون من الجوع، وخاصةً حياة آلاف المرضى، بمن فيهم الأطفال الخدج ومرضى الفشل الكلوي ومرضى العناية المركزة.

غزة تدخل مرحلة المجاعة الشاملة

تُحذّر المنظمة الدولية للهجرة من التراخي الدولي في إعلان غزة منطقة مجاعة مُستهدفة، واتخاذ الإجراءات اللازمة والعاجلة لوقف آثارها الكارثية. تُؤكد جميع التقارير الدولية أن قطاع غزة قد دخل بالفعل مرحلة المجاعة الشاملة، وفقًا للتصنيفات الدولية، حيث يمنع الاحتلال الإسرائيلي وصول المساعدات الإنسانية للشهر الخامس على التوالي، في انتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف، وخاصة المادة 55 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تُلزم القوة المحتلة بضمان إمداد السكان المدنيين بالطعام والدواء. وهذا يُفاقم الكارثة الإنسانية ويُفاقم المجاعة بين سكان قطاع غزة، الذين يُعانون جميعًا من مجاعة شديدة أودت بحياة 19 شخصًا، بينهم ثمانية أطفال، أمس. ويؤكد أحدث تقرير لبرنامج الغذاء العالمي أن ثلث سكان غزة لا يحصلون على وجبة طعام واحدة يوميًا. وأفادت منظمة الصحة العالمية أن حوالي 90 ألف طفل وامرأة مُعرضون لخطر الموت بسبب سوء التغذية الحاد. أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أيضًا أن 112 طفلًا يُدخلون مستشفيات غزة يوميًا لتلقي العلاج بسبب سوء التغذية والهزال الشديد. كما أفادت وزارة الصحة بوفاة 620 شخصًا جوعًا، بينهم 73 طفلًا. وتُعالج مئات حالات الإغماء بسبب الجوع في مستشفيات غزة. أكدت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) أن غزة تشهد مجاعة تؤثر على مئات الآلاف من الفلسطينيين في جميع أنحاء البلاد. في الوقت نفسه، انهار النظام الصحي، ونقص في مياه الشرب. وهذا يُفاقم الوضع الإنساني المُعقّد والخطير أصلاً، ويُنذر بزيادة عدد الوفيات بسبب الجوع.

تعرب حركة حشد عن قلقها البالغ إزاء التقارير الواردة عن قسم “ركيفت” السري في سجن أيالون، حيث يُحتجز مئات السجناء من قطاع غزة في زنازين مغلقة ويتعرضون لأشكال مختلفة من التعذيب الممنهج. ويمثل هذا استمرارًا لجريمة الإخفاء القسري لسجناء قطاع غزة، ويحرمهم من جميع الضمانات التي تكفلها اتفاقيات حقوق الإنسان، وخاصة اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة.

تدين حركة الحشد بشدة هجوم مجهولين على سفينة “حنظلة” التي كانت في طريقها إلى غزة. قبل انطلاقها من ميناء جاليبولي الإيطالي، دمروا مروحة السفينة وملأوا خزان المياه بمادة كيميائية قابلة للاشتعال، مما أدى إلى إصابة طاقمها بجروح بالغة. هذه جريمة قرصنة دولية تهدف إلى عرقلة رحلة السفينة ومنع ركابها من مواصلة رحلتهم إلى قطاع غزة. هذه الجريمة تُذكرنا بجرائم طاقم السفينة ضد سفن كسر الحصار. هذا يتطلب حماية النشطاء على متن “حنظلة” لوقف الإبادة الجماعية وكسر الحصار عن قطاع غزة. علاوة على ذلك، يجب توسيع هذه المبادرات الإنسانية لتشمل أسطولاً يضم عشرات السفن من جميع أنحاء العالم لضمان رفع الحصار وإيصال المساعدات الإنسانية.

تدمير شعب غزة تحت أنقاض الصمت والعجز الدولي

تُحمّل اللجنة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (هاشد) دولة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن الجرائم المتواصلة بحق المدنيين. وما كانت هذه الجرائم لتحدث لولا استمرار الشراكة مع الولايات المتحدة، وصمت الاتحاد الأوروبي وتقاعسه وتواطؤه، والعجز العربي والدولي عن الوفاء بالتزاماته الأخلاقية والقانونية. كما غابت الإدانة والتحرك الجاد. وتُوحي هذه الإجراءات بأن البشرية قد قبلت بقانون الغاب الأمريكي الإسرائيلي، الذي كشف عن انهيار وتراجع منظومة الحماية والقانون الدولي وقيم العدالة وحقوق الإنسان والإنسانية. وتُشير إلى أن سكان غزة يُبادون ببطء تحت أنقاض الصمت والعجز الدوليين. وكان هذا ولا يزال وصمة عار في جبين الإنسانية، إذ ساهم في توفير غطاء للاحتلال لمواصلة حرب الإبادة والحصار والتجويع، وترسيخ سياسة الإفلات من العقاب. وتُرحّب بالإعلان الصادر اليوم عن 25 دولة، والمطالب بوقف فوري للحرب في غزة، وإطلاق المساعدات الإنسانية عبر الأمم المتحدة. تدعو إلى إنهاء آلية المساعدات الأمريكية الإسرائيلية، التي أدت إلى مقتل مئات المدنيين وحرمت سكان غزة من كرامتهم الإنسانية. وتشكر جميع الحركات الدولية والاجتماعية التي تندد بالمجاعة، وتدعو إلى وقف الإبادة الجماعية وفتح ممرات إنسانية للمساعدات.

نداء عاجل للمجتمع الدولي

يجدد الحشد نداءه العاجل للمجتمع الدولي والدول الأخرى والأمم المتحدة والضمير الإنساني العالمي لإنهاء الإبادة الجماعية، وإعلان قطاع غزة منطقة مجاعة، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لرفع الحصار وفتح المعابر والممرات الإنسانية، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية عبر الأمم المتحدة، ووقف الآلية الإسرائيلية الأمريكية الإجرامية لتوزيع المساعدات، وتوفير الحماية الدولية العاجلة للمدنيين من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة وفقًا لقرار “الاتحاد من أجل السلام”. وذلك في إطار خطة دولية لإنهاء الاحتلال عبر فرض عقوبات ومقاطعات على دولة الاحتلال، وتعليق عضويتها في الأمم المتحدة، وتقديم قادتها وجنودها وشركائها للعدالة أمام المحكمة الجنائية الدولية بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية. كما يُحث محكمة العدل الدولية على إصدار حكم نهائي يدين إسرائيل بارتكابها جريمة إبادة جماعية، ويحملها المسؤولية الجنائية والمدنية. وتجدد دعوتها لشعوب العالم الحرة إلى مواصلة وتكثيف تحركاتها السياسية والاجتماعية والحقوقية وجهودها الضغطية على دولها والمنظمات الدولية والإقليمية للوفاء بالتزاماتها الأخلاقية والقانونية والإنسانية وإنهاء الإبادة الجماعية والجوع.


شارك