“رسوم ترامب تؤزم العلاقات مع كندا وتعرقل خطط مارك كارني وفقًا لوشنطن بوست”

منذ 9 ساعات
“رسوم ترامب تؤزم العلاقات مع كندا وتعرقل خطط مارك كارني وفقًا لوشنطن بوست”

وذكرت صحيفة واشنطن بوست في عددها الصادر يوم السبت أن تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية عالية على كندا أدى مرة أخرى إلى تفاقم العلاقات المتوترة بين البلدين وعرقل خطط رئيس الوزراء الكندي مارك كارني لإقامة شراكة اقتصادية جديدة مع الولايات المتحدة.

وفي تقرير إخباري، ذكرت الصحيفة أن ترامب هدد أمس بفرض رسوم جمركية بنسبة 35 في المائة على أكثر من نصف الصادرات الكندية إلى الولايات المتحدة اعتبارًا من الأول من أغسطس. وكان هذا أحدث صدمة للمحادثات التجارية المتوقفة بين الجارتين في أمريكا الشمالية.

في رسالة على حسابه، ربط ترامب الشكاوى بشأن ممارسات التجارة الكندية بفشل أوتاوا في منع النقل غير القانوني عبر الحدود للفنتانيل، وهو عقار شديد الإدمان، إلى الولايات المتحدة. وترك الرئيس الباب مفتوحا أمام إمكانية تعديل خططه التعريفية إذا شددت كندا ضوابطها الحدودية.

وأضافت الصحيفة أن التهديد يمثل انتكاسة لجهود رئيس الوزراء الكندي مارك كارني للتفاوض على شراكة اقتصادية جديدة مع الولايات المتحدة قبل الموعد النهائي في 21 يوليو/تموز الذي اتفق عليه الجانبان.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الخطوة تأتي في ظل جهود يبذلها المسؤولون الكنديون للتوصل إلى اتفاق لرفع الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب في وقت سابق من هذا العام. وفي منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، صرّح كارني بأن الجهود ستستمر حتى الموعد النهائي الجديد المحدد في رسالة ترامب، وهو الأول من أغسطس. وأشار إلى أنه، وفقًا لسيمون ليستر، الخبير التجاري والزميل غير المقيم في معهد بيكر بجامعة رايس، فإن احتمالات التوصل إلى اتفاق نهائي ليست أفضل ولا أسوأ مما كانت عليه قبل تصعيد ترامب الأخير.

قال ليستر: “اعتبرتُ هذه الرسالة تكتيكًا تفاوضيًا من ترامب. أعتقد أن الكنديين قد اعتادوا الآن على نهج ترامب التفاوضي، ويركزون فقط على جوهر المحادثات”.

في واقع الأمر، كان رد فعل كارني على تهديد ترامب خافتًا، خاصة بالنظر إلى أنه وفقًا لمنشوره على موقع التواصل الاجتماعي X، حققت الحكومة الكندية “تقدمًا كبيرًا” في الحد من ما وصفه خبراء مستقلون بكمية صغيرة من الفنتانيل التي يتم تهريبها عبر الحدود بين الولايات المتحدة وكندا.

وقال رئيس الوزراء “نحن ملتزمون بمواصلة العمل مع الولايات المتحدة لإنقاذ الأرواح وحماية المجتمعات في بلدينا”.

أشارت الصحيفة إلى أن رسالة ترامب من كندا كانت من بين ما يقرب من 20 رسالة أرسلها البيت الأبيض إلى شركاء الولايات المتحدة التجاريين. هذه الرسائل، التي شابتها أخطاء مطبعية عرضية واعتياد الرئيس على استخدام الأحرف الكبيرة في الأسماء، تُمثل أحدث تطور في سعيه نحو “المعاملة بالمثل” في العلاقات التجارية الأمريكية.

في الثاني من أبريل، أعلن ترامب العجز التجاري السنوي للولايات المتحدة حالة طوارئ وطنية، وأعلن عن أعلى رسوم جمركية أمريكية على السلع المستوردة منذ ما يقرب من قرن. بعد أسبوع من اضطرابات الأسواق المالية، علّق الرسوم الجمركية لمدة 90 يومًا لإتاحة الفرصة للمفاوضات مع أكثر من اثني عشر شريكًا تجاريًا رئيسيًا، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي واليابان.

أكد الرئيس على ضرورة فرض الرسوم الجمركية لتعزيز الإنتاج المحلي وتقليص العجز التجاري. إلا أنه طغى على هذه الرسالة يوم الخميس الماضي عندما أعلن فرض رسوم جمركية بنسبة 50% – وهي الأعلى على الإطلاق – على السلع البرازيلية، رغم أن الولايات المتحدة تحتفظ بفائض تجاري مع الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية.

وفقًا للصحيفة، فإن كندا، التي تُصدّر أكثر من ثلاثة أرباع صادراتها إلى الولايات المتحدة، هي الدولة الأكثر تضررًا من رسوم ترامب الجمركية. منذ عودته إلى البيت الأبيض، استهدف ترامب كندا، وفرض عدة رسوم جمركية تُثقل كاهل الاقتصاد الكندي، وهدد بضمها عبر “القوة الاقتصادية”.

في فبراير الماضي، أعلن ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على البضائع الكندية والمكسيكية، ودخلت حيز التنفيذ في الشهر التالي. وبعد ذلك بوقت قصير، أعفى أيضًا البضائع المشمولة بالاتفاقية الأمريكية المكسيكية الكندية، والتي تُمثل حوالي 40% من الصادرات الكندية إلى الولايات المتحدة.

من المتوقع أن تظل السلع المتوافقة مع اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA) معفاة من الرسوم الجمركية البالغة 35% في حال دخولها حيز التنفيذ، وفقًا لمسؤول في البيت الأبيض، طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشة المداولات الداخلية. وأضاف المسؤول: “مع ذلك، لم تُعدّ أي وثيقة نهائية، ولم يتخذ الرئيس أي قرارات نهائية بعد”.

في المقابل، فرضت كندا رسومًا جمركية انتقامية على العديد من السلع الأمريكية، لكنها ألغتها جزئيًا لاحقًا. وصرح كارني الشهر الماضي بأنه قد يعدل الرسوم الجمركية الانتقامية على منتجات الصلب والألمنيوم الأمريكية بناءً على التقدم المحرز في مفاوضات التجارة. كما لا توجد أدلة كافية تدعم ادعاء ترامب بأن المهربين يُهربون كميات كبيرة من الفنتانيل عبر الحدود الشمالية. ووفقًا لبيانات الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، فإن أقل من 1% من الفنتانيل المُصادر على الحدود البرية الأمريكية أو بالقرب منها في السنة المالية 2024 كان مصدره كندا.

اتخذت الحكومة الكندية خطواتٍ لتهدئة ترامب، رغم ادعائها أن كندا ليست موردًا رئيسيًا للمخدرات. في ديسمبر/كانون الأول الماضي، كشفت أوتاوا عن خطةٍ بقيمة تقارب 950 مليون دولار لتشديد الإجراءات الأمنية على الحدود الأمريكية الكندية، وعينت مفوضًا لشؤون الفنتانيل هذا العام.

وبحسب الصحيفة، استشهد ترامب بعدة مبررات أخرى – ومتناقضة في بعض الأحيان – لفرض الرسوم الجمركية على السلع الكندية، بما في ذلك العجز التجاري المبالغ فيه للغاية للولايات المتحدة مع جارتها الشمالية، والذي يقدر بأكثر من 100 مليار دولار، ونظام إدارة سلسلة توريد الألبان في البلاد، وكلاهما ذكره في رسالته إلى كارني.


شارك