السيدة نفيسة.. أسرار حياتها ومقامها في مصر ومولدها الذي يجذب الآلاف كل عام

تُعد السيدة نفيسة واحدة من أعلام أهل البيت في مصر، ومن الشخصيات التاريخية التي تركت أثرًا عظيمًا في قلوب المصريين. فهي حفيدة الإمام الحسن بن علي، وقد عُرفت منذ طفولتها بحفظ القرآن والعلم والورع، حتى لُقبت بـ"نفيسة العلم". قدمت إلى مصر عام 193 هـ، وأقامت بها حتى وفاتها عام 208 هـ، ليصبح مقامها ومسجدها من أبرز المزارات الدينية في القاهرة.

مولد السيدة نفيسة واحتفالات المصريين

يُعتبر مولد السيدة نفيسة من أهم المناسبات الدينية التي يحرص المصريون على حضورها كل عام. حيث يتوافد الآلاف إلى مقامها ومسجدها في حي السيدة نفيسة بالقاهرة، وتُقام حلقات الذكر وتلاوة القرآن، إضافة إلى توزيع الشربات والمأكولات في أجواء روحانية مميزة. وعلى الرغم من أعمال الترميم والتطوير التي يشهدها المسجد، فإن المولد يستمر كعادة متوارثة منذ قرون.

مجالس العلم عند السيدة نفيسة

ارتبط اسم السيدة نفيسة بالعلم والتفسير والفقه، فقد كانت تعقد مجالس علم يحضرها العلماء وطلاب المعرفة. وتذكر المصادر أن الإمام الشافعي نفسه كان يزورها ليستفيد من علمها، وأنها قامت بالصلاة عليه عند وفاته. ومن هنا جاءت شهرتها كإحدى السيدات العالمات في التاريخ الإسلامي، حتى أصبح ذكر مجالس العلم عند السيدة نفيسة جزءًا أساسيًا من سيرتها.

الفرق بين مقام ومسجد السيدة نفيسة

كثيرًا ما يختلط الأمر بين مقام السيدة نفيسة ومسجدها، حيث إن المسجد بُني في موقع دارها الأخير التي توفيت فيها، ليشمل مقامها وضريحها. ويُعرف المكان بـ"المشهد النفيسي"، وقد جُدد عبر العصور بدءًا من الدولة الفاطمية وصولًا إلى التحديثات التي شهدها في عهد الخديو عباس حلمي الثاني، ليستمر حتى اليوم كأحد أهم المزارات الدينية في مصر.

الإمام الشافعي وعلاقته بالسيدة نفيسة

كانت العلاقة بين الإمام الشافعي والسيدة نفيسة علاقة علمية وروحية في آن واحد. فقد كان الإمام الشافعي يجلها ويحضر بعض مجالسها، وعندما وافته المنية صلت عليه صلاة الجنازة في بيتها قبل أن يُدفن. هذه العلاقة أكسبت السيدة نفيسة مكانة خاصة في نفوس أتباع المذهب الشافعي وأهل العلم عامة.

أماكن آل البيت في القاهرة

إلى جانب مسجد ومقام السيدة نفيسة، تضم القاهرة العديد من أماكن آل البيت التي يقصدها الزوار، مثل مسجد السيدة زينب، مسجد الإمام الحسين، مقام السيدة رقية، ومشهد السيدة عائشة. وتُشكل هذه الأماكن جزءًا مهمًا من التراث الروحي والثقافي للقاهرة، مما يجعلها محط اهتمام الزوار المصريين والعرب.

ترميم مساجد أهل البيت ودور الدولة

تولي الدولة اهتمامًا كبيرًا بعملية ترميم مساجد أهل البيت في القاهرة، ومنها مسجد السيدة نفيسة. حيث شهد المسجد أعمال تجديد واسعة شملت المقام والساحة الخارجية والإنارة والنقوش. هذه الجهود تعكس الحرص على الحفاظ على الهوية التاريخية والدينية للمكان، بما يضمن استمراره كرمز للروحانية والإيمان.

كرامات السيدة النفيسة في الذاكرة الشعبية

تناقلت الروايات قصصًا عديدة عن كرامات السيدة النفيسة التي عاشها معاصروها وزوارها عبر القرون، مثل إجابة الدعاء وقضاء الحوائج وشفاء المرضى. ورغم اختلاف الروايات، فإنها ساهمت في ترسيخ مكانتها كرمز روحي يلتف حوله المصريون، ويُحيطونه بالحب والاحترام.