الصراع الأوكراني كمحور للاختبار لنظام عالمي جديد وهل ينذر بحرب كبرى؟

تتجه الأنظار نحو التطورات الأخيرة في الساحة الدولية، حيث تتصاعد الأحداث حول “أوكرانيا” التي أصبحت محورًا للصراع بين القوى الكبرى. في الوقت الذي كانت تتسارع فيه الجهود للتوصل إلى تسوية سياسية لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، ظهرت تصاعدات جديدة بعد إعلان الدول الأوروبية عن “ضمانات أمنية” لأوكرانيا، مما أعاد خلط الأوراق وفتح المجال لمواجهة محتملة مع موسكو.
تصعيد التوترات بين القوى العالمية
اعتبرت روسيا هذه الخطوة مساسًا بأمنها القومي، مما أدى إلى تشكيل محور مضاد يضم الصين وروسيا وكوريا الشمالية، مدعومًا بتعزيزات اقتصادية وعسكرية متزايدة. لقد تذكّر الكثيرون الأجواء القائمة في فترة الحرب الباردة، مع اختلافات تعكس تعقيدات الصراع المعاصر. وفي ظل تحالفات مثل “تحالف الراغبين” في باريس و”تحالف الشرق” في بكين، تتزايد المخاوف من انزلاق العالم إلى حرب كبرى قد تتجاوز الصراع على الأراضي الأوكرانية.
الضمانات الأمنية الأوروبية
أثارت الضمانات الأمنية التي قدمتها الدول الأوروبية لأوكرانيا التوترات المتزايدة بين موسكو من جهة، والولايات المتحدة والغرب من جهة أخرى. تشمل هذه الضمانات أسباب النزاع التي دفعت روسيا لشن الحرب على أوكرانيا قبل ثلاث سنوات. بينما يتطلع الجميع إلى اتفاق سلام، نظمت الدول الأوروبية قمة في باريس تحت عنوان “تحالف الراغبين”، بهدف تأمين أوكرانيا وطمأنة كييف.
الانقسامات حول نشر القوات
في القمة، تعهدت ست وعشرون دولة أوروبية بتقديم دعم عسكري شامل لأوكرانيا، بما في ذلك انتشار القوات الغربية على الأراضي الأوكرانية. أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بداية القمة أن هذه الدول ستنتشر في أوكرانيا، لكنه تراجع لاحقًا موضحًا أن بعض الدول ستبقى خارج أوكرانيا، مع تقديم الدعم عبر تدريب وتجهيز القوات الأوكرانية.
وعن موقف إيطاليا، صرّحت رئيسة وزرائها جورجيا ميلوني بأن بلادها ستشارك في تدريب القوات الأوكرانية ولكن خارج أراضي أوكرانيا. في حين أعلنت ألمانيا انتظارها لمزيد من الوضوح بشأن مستوى انخراط الولايات المتحدة في الضمانات الأمنية قبل اتخاذ قرارها.
ردود فعل روسيا والمخاوف المستقبلية
ردّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على اجتماع “الراغبين” بأن أي قوات عسكرية أجنبية تنتشر في أوكرانيا قبل انتهاء الحرب ستعتبر أهدافًا عسكرية مشروعة. وقد يشير ذلك إلى عدم إمكانية تحقيق نهاية للصراع إذا استمرت الدول الأوروبية في تنفيذ هذه الضمانات، وذلك نظرًا لموقف بوتين الرافض لقوات غربية قرب حدوده.
التجمعات الآسيوية وتأثيرها
تزامنت قمة باريس مع اجتماع للدول الآسيوية الكبرى، مثل الصين وروسيا وكوريا الشمالية والهند، الذي جاء بمناسبة ذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية. وخلال العرض العسكري الذي أُقيم في ميدان تيانانمن، أكد الرئيس الصيني على “عدم قابلية إيقاف صعود الصين”، مضيفًا أهميته للقوة المتنامية لهذا التحالف في مواجهة الهيمنة الأمريكية.
تجمع بوتين وشي وكيم ومودي أثار قلقًا في العواصم الأوروبية، حيث يدل على استعداد روسيا لمواصلة الحرب إذا لم يقبل الغرب بشروطها. وعلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على هذا العرض قائلاً إن الاحتفالية كانت مصممة لتكون تحت نظره، مضيفًا تحذيراته حول “التآمر ضد أمريكا”.
التحديات الاقتصادية والعسكرية
تشير التقارير إلى أن بكين ونيودلهي هما أكبر مستوردي النفط والفحم الروسيين حاليًا، حيث تشارك الصين في تبادل التكنولوجيا الحيوية مع روسيا. كما أن كوريا الشمالية تقدم دعمًا عسكريًا عبر إرسال القوات. تتمثل شروط روسيا للسلام في عدم انضمام أوكرانيا لحلف الناتو، ونزع أي وجود غربي على أراضيها، وهي مطالب ترفضها أوكرانيا والدول الغربية، مما يزيد من حدة التوتر.
النظرة المستقبلية للصراع
بعد العرض العسكري الذي أقيم بحضور هذه الدول، صرح ترامب بتغييرات عسكرية في الولايات المتحدة، ما يُعد تهديدًا مباشرًا للمعسكر الشرقي. ويخشى المراقبون من اندلاع صراع أكبر بين المعسكرين إذا استمر التصعيد، حيث يشيرون إلى إمكانيات الحرب الواسعة التي قد تشمل الصين وكوريا الشمالية في حال تفاقم التوترات.