من سيتوج بالانتصار في قمة ألاسكا ترامب أم بوتين

تُعقد القمة «الأمريكية – الروسية» في ألاسكا بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في موقع يجسد فعليًا التقاء الشرق بالغرب. يُشكل هذا اللقاء دلالة خاصة لكلا البلدين كإحدى مواقع المواجهة خلال فترة الحرب الباردة، حيث تواجدت أنظمة الدفاع الصاروخي ومحطات الرادار ومراكز جمع المعلومات الاستخباراتية.
إلا أن السؤال المطروح هو: هل تمهد هذه القمة الطريق نحو اتفاق يضع أسس السلام في أوكرانيا، بعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف من الحرب الروسية الأوكرانية؟
متى وأين تُعقد القمة؟
ستُعقد القمة غدًا الجمعة في قاعدة المندورف-ريتشاردسون المشتركة خارج مدينة أنكوريج، وفقًا لمصدر في البيت الأبيض. كانت هذه القاعدة تلعب دورًا حيويًا خلال الحرب الباردة في مراقبة الاتحاد السوفيتي والتصدي له.
هل سيغيب زيلينسكي عن القمة؟
أكد الطرفان عقد اجتماع بين بوتين وترامب فقط، رغم وجود تلميحات أولية حول إمكانية مشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. لطالما رفض الكرملين فكرة لقاء بوتين بزميله الأوكراني، على الأقل حتى يتم التوصل إلى اتفاق سلام يمكن توقيعه.
قال بوتين بوابة البلد الماضي إنه لا يعارض لقاء زيلينسكي، لكن هناك حاجة لتهيئة ظروف معينة، وهي «لا تزال بعيدة المنال». أثار ذلك مخاوف بشأن استبعاد أوكرانيا من المفاوضات، حيث أكدت كييف وحلفاؤها الأوروبيون أن تحقيق السلام يتطلب مشاركة أوكرانيا الأساسية.
ما علاقة ألاسكا بالتاريخ الروسي؟
تعتبر هذه الزيارة الأولى من نوعها التي يقوم بها زعيم روسي إلى ألاسكا، على الرغم من أنها كانت جزءًا من الإمبراطورية القيصرية حتى عام 1867، حسبما أفادت وكالة أنباء تاس الرسمية.
بدأت روسيا استعمار ألاسكا منذ القرن الثامن عشر، حتى باعها القيصر ألكسندر الثاني للولايات المتحدة في عام 1867 بمقابل 7.2 مليون دولار. ومع اكتشاف مواردها الوفيرة، اعتبرت روسيا أن الصفقة كانت شديدة السذاجة، مما أدى لندمها لاحقًا.
ما هو جدول الأعمال المتوقع؟
يبدو أن ترامب يشعر بالانزعاج المتزايد من بوتين بسبب رفض الأخير وقف القصف على أوكرانيا. قامت كييف بموافقتها على وقف إطلاق النار، واعتبرت الهدنة خطوة أولى نحو تحقيق السلام.
قدمت موسكو شروطها لوقف إطلاق النار، وهي غير مقبولة بالنسبة لزيلينسكي، مثل سحب القوات من المناطق الأربع التي ضمتها روسيا، وتجميد شحنات الأسلحة الغربية. من أجل تحقيق سلام شامل، يطالب بوتين كييف بالتنازل عن المناطق التي ضمتها، وكذلك شبه جزيرة القرم، والتخلي عن مساعي الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاعتراف باللغة الروسية كإحدى اللغتين الرسميتين إلى جانب الأوكرانية.
المنطقة العازلة
يمسك زيلينسكي بوجهة نظر مفادها أن أي اتفاق سلام يجب أن يتضمن ضمانات أمنية قوية لحماية أوكرانيا من أي عدوان روسي مستقبلي. بينما حذر بوتين أوكرانيا من أن مواجهة ظروف أكثر صعوبة لتحقيق السلام ستزداد في حال استمر توغل القوات الروسية في مناطق أخرى، بهدف بناء ما يصفه بـ «المنطقة العازلة».
وأفاد بعض المراقبين أن روسيا قد تستخدم هذه المكاسب الجديدة لتبادل الأراضي الخاضعة للسيطرة الأوكرانية في المناطق الأربع التي ضمتها موسكو.
أعلن زيلينسكي أن بوتين يريد من أوكرانيا الانسحاب من الـ 30% المتبقية من منطقة دونيتسك التي لا تزال تحت سيطرة كييف، كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار، لكن أوكرانيا رفضت هذا الاقتراح بشدة. أشار زيلينسكي إلى أن كييف لن تتنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها، معتبرًا ذلك غير دستوري وسيكون بمثابة منصة انطلاق لغزو روسي مستقبلي.
ما هي التوقعات؟
من جهته، أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أنه ستكون هناك «عواقب وخيمة للغاية» لم يحددها، إذا لم يوافق بوتين على وقف الحرب بعد القمة. بينما يرى بوتين أن الاجتماع مع ترامب هو فرصة لتعزيز المكاسب الإقليمية لروسيا، وإبقاء أوكرانيا خارج حلف شمال الأطلسي ومنعها من استضافة أي قوات غربية، حتى تتمكن موسكو من سحب البلاد تدريجيًا إلى دائرة نفوذها.
يشعر كل من أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون بالقلق من أن القمة، في حال غياب كييف، قد تتيح لبوتين الحصول على اتفاق مع ترامب لصالح الجانب الروسي، مما قد يضطر أوكرانيا لتقديم تنازلات غير مقبولة.