وزير البترول يؤكد: التحول في الطاقة أولوية استراتيجية دون التخلي عن المصادر التقليدية

منذ 6 ساعات
وزير البترول يؤكد: التحول في الطاقة أولوية استراتيجية دون التخلي عن المصادر التقليدية

أكد المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، أن التحول في مجال الطاقة لا يعني التخلي عن مصادر الطاقة التقليدية، بل يعني إدخال أساليب إنتاج واستهلاك أكثر كفاءةً وصديقةً للبيئة. وأكد أن التحول في مجال الطاقة أولوية استراتيجية، وليس ترفًا.

جاء ذلك في مقال لوزير البترول والثروة المعدنية نشره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء بعنوان “استراتيجيات التحول في مجال الطاقة: الطموحات والمبادرات والتحديات”، ضمن افتتاحية العدد الخامس من مجلة المركز “سياسة المناخ”.

في مقاله، أوضح وزير البترول أن التحديات التي تواجه قطاع الطاقة العالمي جعلت من التحول في مجال الطاقة أولوية استراتيجية، لا ترفًا. وأضاف أن هذه الأولوية تنبع من ضرورة تأمين إمدادات الطاقة للدول وشعوبها. لذلك، يجب أن تُعالج سياسة الطاقة بجدية ما يُسمى “معضلة الطاقة الثلاثية” في قطاع الطاقة العالمي: كيف يُمكننا توفير طاقة آمنة وموثوقة ومتواصلة؟ وكيف يُمكن أن تظل تكاليفها في متناول الجميع؟ وكيف يُمكننا تحقيق كل ذلك دون إغفال التزاماتنا الحالية، مع الحفاظ على بيئة مستدامة للأجيال القادمة والوفاء بالالتزامات المناخية الدولية؟

وضع وزير البترول خارطة طريق لدعم أهداف التحول الطاقي، مشيرًا إلى أن الحكومة الحالية تولت زمام الأمور وتولي قطاع الطاقة بكافة جوانبه أولوية قصوى. لذا، لا بد من وضع خارطة طريق لدعم أمن الطاقة والتحول التدريجي للقطاع. لذا، بدأت وزارة البترول والثروة المعدنية في اعتماد وتنفيذ استراتيجية عمل جديدة لتحسين القدرة على تحقيق هذا التوازن الضروري في قطاع الطاقة. تتكون هذه الاستراتيجية من ستة محاور رئيسية، أهمها: تكثيف عمليات الاستكشاف والإنتاج البترولي لزيادة الطاقة الإنتاجية، وتمكين المواطنين من تلبية احتياجاتهم من الوقود بأقل تكلفة ممكنة، وتعظيم الاستفادة من البنية التحتية لتكرير البترول، وإنتاج البتروكيماويات بأقصى طاقة ممكنة.

سيتم تسليط الضوء على أهمية مشاريع الهيدروجين الأخضر والوقود الأخضر والمستدام، التي تواصل الوزارة العمل عليها، في إطار جهودها لتعزيز إجراءات التحول في مجال الطاقة وتلبية الاحتياجات الأساسية من الوقود. وسينصب التركيز بعد ذلك على تطوير قطاع التعدين لزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي. ولا يخفى على أحد أهمية قطاع التعدين في التحول في مجال الطاقة، إذ يوفر المعادن الأساسية لقطاعي الطاقة الشمسية والمتجددة.

يقع المحور الرابع في صميم هذه الاستراتيجية، وهو يدعم التوسع في استخدام الطاقة المتجددة في إطار التعاون المتكامل المستمر مع الدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة. ويهدف هذا التعاون إلى زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة في مصر إلى 42% بحلول عام 2030. ومن خلال تعزيز دمج الطاقة المتجددة في قطاع الطاقة، يمكننا تقليل الاعتماد على الوقود التقليدي لتوليد الكهرباء، وخاصة الغاز الطبيعي، والاستفادة منه في التطبيقات الصناعية ذات القيمة المضافة. وسيساعد ذلك على خفض تكاليف الاستيراد وخفض انبعاثات قطاع الطاقة، بما يتماشى تمامًا مع رؤية الحكومة المصرية للتنمية المستدامة.

وأضاف بدوي أن تحقيق الأولويات الأربع المذكورة لا يتأتى إلا من خلال ركيزة أساسية، يُكملها المحور الخامس، الذي يتناول السلامة وكفاءة الطاقة وخفض الانبعاثات. ويتضمن هذا المحور أولويات عدة، تبدأ بسلامة العمال، إذ إن أولويتنا القصوى هي عودة جميع العمال إلى أسرهم سالمين. ثم يتناول هدفًا لا يقل أهمية عن سابقه، وهو زيادة كفاءة الطاقة وخفض انبعاثات الكربون في قطاع النفط والغاز، وهما مصدران سيبقيان قائمين في العقود القادمة، ولكن بأساليب مستدامة. وفي المحور السادس من استراتيجية العمل، نواصل تعزيز التكامل الإقليمي كركيزة أساسية للتحول في مجال الطاقة.

أكد بدوي في مقاله أن التحول في مجال الطاقة لا يعني التخلي عن مصادر الطاقة التقليدية، بل تطوير أساليب لإنتاجها واستهلاكها بكفاءة أكبر وبطريقة أكثر مراعاةً للبيئة. توفر كفاءة الطاقة فرصة ممتازة للتحول التدريجي والآمن. وقد اتخذت وزارة البترول خطوات عديدة لتحسين كفاءة الطاقة. على المستوى الاستراتيجي، تم نشر استراتيجية كفاءة الطاقة لقطاع البترول. وعلى مستوى الإدارة، تم تنفيذ ما يقرب من 358 مشروعًا وإجراءً لتحسين كفاءة الطاقة في عمليات الإنتاج، مما أدى إلى توفير ما يصل إلى 138 مليون دولار. علاوة على ذلك، تم التعاون مع المملكة العربية السعودية لتطوير برنامج وطني لكفاءة الطاقة في مصر ليكون نموذجًا لإدارة الطاقة المستدامة. وفي هذا السياق، سيتم تعزيز التعاون مع جميع الشركاء، بما في ذلك الجهات الحكومية والمؤسسات الدولية وشركات القطاع الخاص، لدعم جهود الوزارة وأنشطتها في مجال التحول في مجال الطاقة.

في مقاله، تناول وزير البترول أيضًا إنتاج الهيدروجين ومشاريع الوقود الأخضر، مشيرًا إلى أنه في ظل التوجه العالمي المتسارع نحو حلول الطاقة النظيفة، تولي الحكومة المصرية ووزارة البترول والثروة المعدنية اهتمامًا وثيقًا لقضية الهيدروجين كأحد الركائز الأساسية للتحول في مجال الطاقة وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. في أغسطس 2024، أُعلن عن الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون، والتي شاركت وزارة البترول والثروة المعدنية في تطويرها. وتسعى هذه الاستراتيجية إلى تحقيق رؤية طموحة لجعل مصر رائدة في هذا المجال الواعد. ولا تقتصر هذه الاستراتيجية على البعد البيئي فحسب، بل تحمل أيضًا فرصًا اقتصادية واعدة، بما في ذلك خلق أكثر من 100 ألف فرصة عمل، وتعزيز توطين صناعة مكونات إنتاج الهيدروجين، وتأمين مصادر طاقة جديدة ومستدامة في مصر.

وفي إطار جهودها لدعم مناخ الاستثمار، شاركت وزارة البترول في صياغة مشروع قانون لتشجيع إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته من خلال حزمة من الحوافز، من بينها حوافز مالية وإعفاءات ضريبية ومزايا التصريح الواحد (الرخصة الذهبية) لتبسيط الإجراءات.

شاركت الوزارة أيضًا في تقديم مقترح إنشاء مجلس وطني للهيدروجين الأخضر ومشتقاته. وقد تم بالفعل إنشاء هذا المجلس، برئاسة رئيس الوزراء، ويضم عددًا من الوزراء المعنيين. وسيقود المجلس تنسيقًا رفيع المستوى للنهوض بهذه القضية.

يُعد مشروع دمياط للأمونيا الخضراء تطبيقًا عمليًا لهذه الجهود في قطاع البترول، ونموذجًا رائدًا. ومن خلال شراكة بين الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات، وشركة سكاتك النرويجية، وشركة موبكو، من المتوقع أن ينتج المشروع 150 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنويًا، باستثمارات إجمالية تبلغ حوالي 910 ملايين دولار.

خلال زيارة الرئيس إلى النرويج في ديسمبر الماضي، وُقِّعت مذكرة تفاهم مع شركة يارا لتسويق كامل الإنتاج، وهو ضمان مهم لنجاح المشروع. كما تُنفِّذ الوزارة أول مشروع لإنتاج وقود الطائرات المستدام من زيت الطهي المُستخدَم، ومشروع إنتاج الإيثانول الحيوي من خلال الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات.

تناول وزير البترول تحديات التحول الطاقي، مؤكدًا إدراك الوزارة للتحديات العالمية المرتبطة به، لا سيما ارتفاع تكاليف إنتاج مشاريع الوقود الأخضر، وخاصة الهيدروجين الأخضر، بالإضافة إلى تكاليف إنشاء البنية التحتية وشبكات النقل والتخزين. ويتطلب ذلك البدء في تطوير هذه المشاريع، لما لها من تكاليف باهظة على دولنا النامية، وغياب أسواق منظمة للهيدروجين الأخضر ومشتقاته. ويكمن الحل في ضمان وجود المشترين، وإبرام اتفاقيات الشراء المسبق، والحصول على دعم مباشر من الدول الصناعية، كونها الأكثر احتياجًا للهيدروجين الأخضر ومشتقاته في الوقت الحالي.

وتواصل وزارة البترول تعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين سواء في تأمين اتفاقيات الشراء أو تبادل الخبرات أو مشاركة أفضل الممارسات، لدعم تنفيذ مشاريع ملموسة تضع مصر كمركز إقليمي لتجارة الهيدروجين الأخضر ومشتقاته.

رغم التوسع العالمي لآليات التمويل الأخضر وتزايد مبادرات دعم مشاريع الطاقة المستدامة، لا تزال العديد من الدول النامية تواجه تحديات في الوصول إلى مصادر تمويل ميسورة التكلفة لتنفيذ مشاريع في هذا القطاع. يتطلب توفير التمويل الأخضر مرونةً وتوافر تمويل ميسور التكلفة للقارة الأفريقية. وبالتوازي مع ذلك، يجب توفير الدعم التكنولوجي، وتأسيس الصناعات المحلية، وبناء القدرات، وهو ما تدعو إليه مصر في المحافل الدولية.

اختتم بدوي مقاله بالقول إنه في ظل الدعوات المتزايدة لتسريع التحول في مجال الطاقة، فإننا نؤكد على أهمية وأولوية هذا النهج. ومع ذلك، أكد على ضرورة اتباع نهج واقعي ومنصف يأخذ في الاعتبار الظروف الخاصة للدول النامية واحتياجاتها التنموية. لا يمكن تحقيق التحول في مجال الطاقة دون ضمان حق الشعوب في طاقة آمنة ونظيفة، مع توفير تمويل مناسب يضمن تنفيذ مشاريع التحول في مجال الطاقة دون فرض أعباء إضافية على هذه الدول.


شارك