«حشد» تدعو الأمم المتحدة لإعلان غزة منطقة مجاعة وتفعيل الحماية الدولية لحماية المدنيين

منذ 6 ساعات
«حشد» تدعو الأمم المتحدة لإعلان غزة منطقة مجاعة وتفعيل الحماية الدولية لحماية المدنيين

تُدين اللجنة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (هاشد) بشدة جرائم إسرائيل الممنهجة ضد السكان المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة. وقد بلغت هذه الجرائم في الساعات الأخيرة أبعادًا غير مسبوقة، مما أدى إلى مجاعة كارثية. يأتي هذا في سياق حرب إبادة جماعية وعدوان متواصل مستمر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ويدخل يومه 651.

وبحسب بيانات ميدانية ورصد أجرته الوكالة، ارتفع عدد الشهداء إلى 58,667 شهيدًا، وعدد الجرحى إلى 139,974 جريحًا. وبلغ عدد الواصلين إلى المستشفيات منذ بدء العدوان 94 شهيدًا و367 جريحًا خلال 24 ساعة فقط، بينهم 26 مدنيًا خارج مراكز التوزيع الأمريكية الإسرائيلية أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية، ليرتفع إجمالي عدد “الشهداء الأحياء” إلى 877 شهيدًا و5,666 جريحًا.

سقط أربعة شهداء في قصفٍ لقوات الاحتلال على مدرسة أبو الحلو في مخيم البريج للاجئين، التي كانت تؤوي مئات النازحين. وأسفرت الهجمات المُستهدفة على عمال الإغاثة في شمال قطاع غزة عن مقتل ثمانية مدنيين، وهي جريمة حرب بحق العاملين في المجال الإنساني، هدفها نشر الفوضى وتفاقم المجاعة. وأودت غارات جوية شنتها طائرات الاحتلال على الأحياء السكنية وخيام النازحين بحياة العشرات، بينهم شهداء وجرحى.

أدانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بشدة هجوم قوات الاحتلال الإسرائيلي على كنيسة العائلة المقدسة (دير اللاتين) في مدينة غزة. كانت الكنيسة تؤوي أكثر من 600 نازح، من بينهم 54 شخصًا من ذوي الإعاقة. نُفذ الهجوم بقذائف مدفعية إسرائيلية، وأسفر عن استشهاد ثلاثة مدنيين: سعد سلامة (60 عامًا)، وفوميا عياد (80 عامًا)، ونجوى إبراهيم عوض (75 عامًا). كما أصيب ستة آخرون، من بينهم القس غابرييل رومانيللي. ودُمرت أجزاء من الكنيسة، وشُرّد عشرات المواطنين.

في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قصفت قوات الاحتلال كنيسة القديس بورفيري، ثالث أقدم كنيسة في العالم. كما هاجمت كنيستين في غزة ودمرتهما جزئيًا. ودُمر ما يقرب من ألف مسجد كليًا أو جزئيًا، في انتهاك صارخ لحماية الأماكن الدينية ودور العبادة التي يكفلها القانون الإنساني الدولي.

وأضافت اللجنة الدولية لتنسيق الشؤون الإنسانية أن قطاع غزة يشهد مجاعة غير مسبوقة نتيجة استخدام الاحتلال الإسرائيلي للجوع كسلاح وعسكرة المساعدات الإنسانية. وتهدد المجاعة الوشيكة الآن حياة السكان، وخاصة النساء والأطفال والمرضى وكبار السن. ويواجه أكثر من 90% من السكان انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي بسبب عدم وصول المساعدات الإنسانية إلى إسرائيل، والإغلاق الكامل للمعابر الحدودية منذ 2 مارس/آذار من هذا العام، والتدمير شبه الكامل للإنتاج الغذائي المحلي. ويضطر السكان إلى المخاطرة بحياتهم لانتزاع بعض الفتات لإشباع جوعهم خارج نقاط توزيع المساعدات الأمريكية الإسرائيلية. وهناك، يُستهدف الناس ويُقتلون أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء.

أفادت اللجنة الدولية لتنسيق الشؤون الإنسانية (ICCHR) أن سياسة المجاعة القاسية المفروضة على قطاع غزة تسببت في وفاة 69 طفلاً، من بينهم سناء اللحام البالغة من العمر عامًا ونصف. وبلغ عدد الوفيات بسبب نقص الغذاء والدواء 620 حالة، بالإضافة إلى الآثار المدمرة للمجاعة على صحة النساء الحوامل وأجنتهن. كما تم تسجيل 17000 حالة سوء تغذية حاد بين الأطفال في المستشفيات، التي أصبحت خدماتها على وشك الانهيار بسبب النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية والمكملات الغذائية وحليب الأطفال، وإرهاق الطاقم الطبي، ونقص الوقود لمولدات المستشفيات. في غضون ذلك، أفادت وزارة الصحة بأن الأمراض المرتبطة بسوء التغذية تنتشر بين سكان القطاع. فهم يعانون من التعب وفقدان الوزن والشحوب، حيث يتم إدخال عشرات الآلاف من المواطنين إلى المستشفيات في حالة حرجة كل يوم بسبب الجوع.

أكدت هيئة الحشد الشعبي الدولية أن تصريحات وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، أمام المحكمة العليا، والتي عبّر فيها عن “فخره بتجويع الأسرى”، تُعدّ اعترافًا رسميًا بجريمة تجويع الأسرى وحرمانهم من الطعام والرعاية الطبية، ما يستوجب محاسبته هو وقادة الاحتلال على جرائمهم بحق الأسرى في سجون الاحتلال. وأخطرها جرائم التجويع والتعذيب والإهمال الطبي التي أدت إلى استشهاد 78 أسيرًا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان آخرهم الأسير سمير محمد الرفاعي (53 عامًا) من جنين، الذي استشهد نتيجة التعذيب والتجويع والإهمال الطبي، رغم علمه باعتقاله من منزله بتاريخ 10 يوليو/تموز 2025. يُذكر أن جيش الاحتلال نفذ أكثر من 18 ألف حالة اعتقال تعسفي، من بينهم 560 امرأة و1450 طفلًا وأكثر من 3629 معتقلًا إداريًا دون محاكمة، فيما يواصل الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب جرائم الإخفاء القسري والحرمان من حقوق الأسرى في قطاع غزة.

أكدت اللجنة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (هاشد) أن استمرار صمت المجتمع الدولي وعجزه عن وقف الإبادة الجماعية والمجاعة والعقاب الجماعي وجرائم الحرب الأخرى في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، يفتح الباب أمام المزيد من الجرائم والاعتداءات ضد السكان المدنيين، والتهرب من المساءلة القانونية من قبل دولة الاحتلال. وحذرت من سياسة إسرائيل الممنهجة الرامية إلى إبادة وتدمير ومحو الوجود الفلسطيني. وتتعمد سلطات الاحتلال تعريض سكان غزة لظروف معيشية كارثية تتفاقم يوميًا بسبب الجوع ونقص المياه ونقص الأدوية وانهيار الخدمات الصحية والإنسانية. هذا في ظل استمرار جرائم تدمير المدن والأحياء الغزية وممتلكات المواطنين والقتل الجماعي والمجازر اليومية وتشريد المدنيين. وهذا يمثل أحد أخطر جوانب الإبادة الجماعية، والتي تهدف إلى إجبار سكان قطاع غزة، من خلال القتل الجماعي والجوع والعطش وعسكرة المساعدات من قبل مؤسسة غزة الإنسانية، على الانتقال جنوباً إلى معسكرات الاعتقال التي يتم إعدادها هناك بهدف إفراغ القطاع من سكانه وخلق نكبة جديدة.

أشادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بموقف وزارة الخارجية المصرية الرافض لمحاولات إحداث تغيير ديمغرافي أو إقامة مخيمات في رفح، ودعواتها المتكررة لوقف الإبادة الجماعية وضمان إيصال المساعدات الإنسانية. كما أشادت بقرار المحكمة الجنائية الدولية عدم رفع مذكرات التوقيف بحق نتنياهو وغالانت، ودعت إلى تسريع وتوسيع التحقيقات الجارية وإصدار مذكرات توقيف إضافية بحق قادة الاحتلال الإسرائيلي وشركائهم.

كما أشادت بنتائج مؤتمر مجموعة لاهاي في العاصمة الكولومبية بوغوتا، الذي حضرته 30 دولة. وقد اعتمد المؤتمر سلسلة من الإجراءات القانونية والدبلوماسية لتكثيف الجهود الدولية لإنهاء الإبادة الجماعية، وتفعيل آليات المساءلة، ومقاطعة دولة الاحتلال الإسرائيلي وفرض عقوبات عليها، ومنعها من الإفلات من العقاب.

دعت المنظمة الدولية المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول الأخرى وجميع أحرار العالم إلى التحرك الفوري والضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي لوقف مجازرها بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. كما دعت المجتمع الدولي إلى فتح جميع المعابر أمام المساعدات الإنسانية، وحماية سكان قطاع غزة من المجاعة، ومنع انهيار النظام الصحي والإنساني.

كما دعت الأمم المتحدة إلى المضي قدمًا في إعلان قطاع غزة منطقة مجاعة، وتفعيل مبدأ ومسؤولية الحماية الدولية. وينبغي أن يتم ذلك من خلال قرار للجمعية العامة في شكل “متحدون من أجل السلام”. من شأن هذا القرار أن يضمن إنشاء بعثة حماية دولية وتحالف إنساني دولي قادر على وقف الإبادة الجماعية، وحماية المدنيين، ومنح المنظمات الدولية حرية العمل لضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة.

ودعت الهيئة الدولية أيضاً إلى حشد المجتمع الدولي والدول الأطراف في اتفاقيات جنيف واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لدعم هذه العملية، ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين وشركائهم أمام المحاكم الدولية، وفرض عقوبات دولية شاملة على إسرائيل، بما في ذلك حظر الأسلحة، ووقف المساعدات العسكرية، والتدابير الرامية إلى إنهاء آلية المساعدات الأميركية الإسرائيلية الإجرامية، وضمان حرية عمل المنظمات الدولية، وخاصة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، ومعارضة خطط التهجير القسري والتغييرات الديموغرافية والجغرافية في قطاع غزة.


شارك