«مصطفى بكري يستعرض ذكرياته: قصة منزلٍ علّمه دروس الحياة»

تحدث الإعلامي مصطفى بكري مع “البلد الماضي” عن زيارته لمحافظة قنا، والتي قادها لصالح “البلد الماضي”. استذكر بكري العديد من تجاربه، وتحدث بتأثر عن طفولته وحياته في قلب محافظة قنا.
قال مصطفى بكري مساء الجمعة في برنامج “حقائق وأسرار” على قناة صدى البلد: “كانت قريتي المعنا بمحافظة قنا مسقط رأسي، ومن هناك كنت أذهب إلى المدرسة كل صباح. لم أكن أدرس الرياضيات أو أُولي اهتمامًا كبيرًا لتوازن كلامي. تغيرت الملامح والوجوه، وكثرت الشوارع والطرقات، لكن صورته في ذهني ظلت ثابتة. أفتقد رؤيته وذكريات تلك اللحظات الجميلة”. وأضاف: “حلمت كثيرًا وأنا أحدق في سقف غرفتي البسيطة. كلمات جدي عن مصر، المحفورة في قلبي، لا تزال ترن في أذني حتى اليوم”.
يروي مصطفى بكري تجاربه في أيامه الأولى في القاهرة: “ذهبنا إلى السيدة زينب، وقبل عودتنا، توافدت علينا حديقة الحيوان وكأنها الوداع الأخير. كانت القاهرة جميلة وساحرة”.
عن شوقه لوطنه، قال مصطفى بكري: “لكنني أفتقد بيتنا الطيني. أفتقد الجميزة. أفتقد سمات بيتي وغرفتي. لم يكن بيتي مجرد حجارة أو سقف يوفر لي المأوى، بل كان يوفر لي الأمان. كان البيت الذي يسكنني. كان نعمة قبل الذكريات. كان بيتنا أكبر من الجدران، أكبر من الصمت الذي أحاط بنا لبرهة. كان أول دمعة في ساعة حزن وأول ابتسامة في لحظة فرح.”
أكمل بكري وصفه العميق بقوله: “مكانٌ تلتقي فيه الأزمنة بتقلباتها. إنه رحلة الحياة بكل تفاصيلها، بكل أحلامها وانتصاراتها. كان بيتنا كالمعابد التي زارها الفراعنة. في هذه الغرفة، هبّت نسمة بحر، وانفتحت النوافذ لترى وجوه القادمين والذاهبين. جلستُ أنا وأخي محمود -رحمه الله- نتبادل أطراف الحديث عن أحلامنا، وكان جدار الغرفة شريكنا. ما زلت أتنفس رائحة خبز الشمس الذي كانت تخبزه أمي في فناء منزلنا. ما زال وجه التنور محفورًا في ذاكرتي. ما زال صوت أبي يرن في أذني. هنا زحفتُ منذ ولادتي، هنا نشأتُ. هنا كان الجيران الذين رعوني ورعوني. بيتي يغرس في قلبي قيمةً وأمانًا. هنا أترك قلبي، مهما كثرت المحطات والبيوت الجديدة. بيتي جزء من روحي، وعندما حانت لحظة الوداع، بكيت كما لو…” كأنني أمزق قلبي على عتبة بيتي. دموعي لم تكن ضعفًا، بل لأُفرغ الألم، فلا يُصبح عبئًا عليّ.
واختتم مصطفى بكري حديثه قائلاً: “هنا الأصل، هنا الذكريات. هنا عشتُ، هنا حققتُ أهدافي. بيتي جزء مني، هو حصني الأخير، هو وطني الصغير الذي أتركه على مضض. أتركه بألم، وأشعر بالراحة حين أعود إليه، إلى بيتي وإلى قريتي البسيطة، إلى أحضان مدينة قنا، البعيدة عن القاهرة، حيث أهلي وأحبابي، حيث العائلة، وحيث الإخوة. أعرف هذا البيت حجرًا حجرًا، لأن هذه التفاصيل هي تفاصيل حياتي. إنها ذكريات ستبقى في حياتي وفي قلبي”.