الجريدة الرسمية: شاهد على تطور مصر السياسي والدستوري عبر التاريخ التشريعي

منذ 7 ساعات
الجريدة الرسمية: شاهد على تطور مصر السياسي والدستوري عبر التاريخ التشريعي

منذ صدورها عام ١٨٢٨، ارتبطت الجريدة الرسمية بتاريخ مصر التشريعي والقانوني، وشاهدةً على التطورات والإصلاحات السياسية والدستورية، ومع دخول المطبعة إلى مصر، شكّلت نقطة تحول في مسيرة الحداثة الثقافية والحضارية. كما أنها أول جريدة رسمية باللغة العربية، تُشكّل إطارًا لإصدار القوانين، وأداةً للتوثيق، ومرجعًا قانونيًا لجميع سلطات الدولة ومؤسساتها.

رغم ما شهدته مصر من تحولات جذرية في نظامها الإداري والمؤسسي، وحياتها السياسية والدستورية، عبر تاريخها الحديث، إلا أن دور الجريدة الرسمية لا يزال راسخًا كوثيقة تاريخية توثق مراحل التطور منذ عهد محمد علي وحتى يومنا هذا. ولا تزال تلعب دورًا أساسيًا كأحد ركائز تنفيذ القوانين واللوائح، التي لا تُعتد بها إلا بعد نشرها في الجريدة الرسمية.

فيما يتعلق بالخلفية التاريخية للجريدة الرسمية، أوضح المؤرخ محمد الشافعي أن أولى المطابع دخلت مصر خلال الحملة الفرنسية عام ١٧٩٨، حيث طبعت منشورات وإعلانات موجهة للشعب المصري. مثّلت هذه الخطوة نقلة ثقافية مهمة، ومهدت الطريق لظهور صناعة الطباعة في مصر، حيث اعتمدت كتابة الكتب والسجلات القديمة على النسخ اليدوية.

وأضاف أن هذه الخطوة مهدت الطريق لمحمد علي باشا، بعد توليه الحكم في مصر، للعمل على مشروع تحديث وتعزيز بعض الخدمات الحكومية. وفي عام ١٨٢٨، قرر محمد علي إصدار أول صحيفة في تاريخ مصر، وهي “الوقائع المصرية”، وكانت تابعة آنذاك لديوان المعارف. واستمر ذلك حتى عودة رفاعة الطهطاوي من مهمته في باريس وتوليه رئاسة تحريرها عام ١٨٣٥.

وتابع أن العدد الأول من الجريدة الرسمية المصرية كان يتألف من صفحتين وأربع صفحات باللغتين العربية والتركية، وكان يتناول عمومًا أخبار الحياة المصرية وقرارات الحكومة. وأشار إلى أنه مع تطور النظام الإداري والقانوني، أصبحت الجريدة الرسمية بشكلها الحالي، حيث تُنشر فيها جميع قرارات رئيس الجمهورية أو مجلس الوزراء، وقوانين مجلسي النواب والشيوخ، وجميع القرارات الوزارية، ولا تُنفذ إلا بعد نشرها في الجريدة.

وفيما يتعلق بحفظ طبعات الصحف باعتبارها وثائق رسمية للدولة، أشار الشافعي إلى أن الطبعة الأولى من الصحيفة محفوظة في متحف المطبعة الأميرية، إلى جانب الطبعات اللاحقة التي يتم حفظها وتوثيقها بشكل مستمر.

مع تطور النظام الإداري وزيادة تنظيم المنشورات الرسمية، برزت فكرة فصل “الجريدة الرسمية”، التي أصبحت الجهاز القانوني الرئيسي للدولة لنشر القوانين والدساتير والمراسيم الرئاسية والاتفاقيات الدولية، عن “الجريدة الرسمية المصرية”، التي تنشر أحكام المحاكم والقرارات الإدارية والإخطارات القضائية وغيرها. وفي إطار عملية الرقمنة، أتاحت الحكومة المصرية أرشيفات الجريدة الرسمية والجريدة الرسمية المصرية إلكترونيًا على المواقع الرسمية.


شارك