ثورة 30 يونيو: تأثيرها العميق على حياة المصريين على مدار 12 عاماً!

قال الدكتور محمد الطماوي، خبير العلاقات الدولية، إنه في 30 يونيو/حزيران 2013، خرج ملايين المصريين إلى الشوارع، مطالبين بعودة وطنهم، لا بتغييرات سطحية. واجهت مصر لحظة حرجة: إما أن تسمح بسقوط الدولة في يد مشروع طائفي يطمس هويتها التاريخية، أو أن تعيدها إلى شعبها كدولة مدنية تضم جميع أبنائها. كان خيار الشعب واضحًا، وبدأت عملية تصحيح المسار وإصلاح ما أفسدته الفوضى.
وأضاف الطماوي أنه منذ ذلك اليوم دخلت مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي مرحلة جديدة من البناء والاستقرار، يجسدها مشروع الجمهورية الجديدة، الذي لا يقوم على الشعارات بل على مشاريع رصينة ومؤشرات وأرقام تؤكد أن الدولة لم تستعيد مؤسساتها فقط، بل أعادت تموضعها اقتصاديا وتنمويا وعمرانيا.
وأضاف أن الناتج المحلي الإجمالي لمصر لم يتجاوز 288 مليار دولار في عام 2013، وعانت البلاد من تباطؤ اقتصادي حاد، ونقص في النقد الأجنبي، وارتفاع في التضخم، وبطالة. ومع ذلك، في عام 2023، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي إلى 396 مليار دولار، بزيادة تقارب 37%، على الرغم من تعرض الاقتصاد لصدمات عالمية حادة، لا سيما جائحة كوفيد-19، والحرب بين روسيا وأوكرانيا، وأزمة سلسلة التوريد العالمية.
وأضاف: “احتياطيات النقد الأجنبي، التي انخفضت إلى أقل من 15 مليار دولار في منتصف عام 2013، شهدت انتعاشًا ملحوظًا، وستتجاوز 48 مليار دولار بحلول عام 2025، وفقًا للبنك المركزي المصري. وهذا يمنح الاقتصاد قدرًا من المرونة في مواجهة التحديات الخارجية”.
وأشار إلى أن الجمهوريات الجديدة تميزت في المقام الأول بمشاريع قومية كبرى أعادت توزيع التنمية ودمجت المحافظات في الدولة. وتم إنشاء أكثر من 40 مدينة جديدة، أبرزها العاصمة الإدارية الجديدة، التي تبلغ مساحتها 700 كيلومتر مربع، ويسكنها أكثر من 6.5 مليون نسمة. وتضم مقر الحكومة والبرلمان والحي الدبلوماسي، بالإضافة إلى النهر الأخضر، أكبر حديقة مركزية في الشرق الأوسط.
وأشار الطماوي إلى أن الدولة لم تُغفل البعد الاجتماعي في تنميتها، إذ وُسِّعت برامج الحماية الاجتماعية. وبحلول عام ٢٠٢٤، سيرتفع عدد المستفيدين من برنامجي تكافل وكرامة إلى أكثر من ٥.٢ مليون أسرة، مقارنةً بـ ١.٧ مليون أسرة فقط في عام ٢٠١٥. كما تضاعفت المساعدات النقدية والغذائية، في إطار رؤية شاملة لتحقيق العدالة الاجتماعية، وللتخفيف من آثار الإصلاحات الاقتصادية.
وأكد أن مصر استعادت مكانتها الدولية بفضل دبلوماسيتها الفاعلة واستضافة فعاليات دولية مهمة، مثل منتدى الشباب العالمي ومؤتمر الأطراف السابع والعشرين لتغير المناخ في شرم الشيخ. كما وقّعت مصر اتفاقيات استراتيجية لتطوير نفسها كمركز إقليمي للطاقة، لا سيما مشروع ربط الكهرباء مع أوروبا عبر البحر المتوسط، والذي تتجاوز تكلفته أربعة مليارات يورو.
وخلص التماوي إلى أن ثورة 30 يونيو لم تكن نهاية فصل، بل كانت بداية جديدة: استعادة الدولة وإعادة بنائها، ثم قيادتها بثقة نحو المستقبل. وإذ نحتفل بالذكرى الثانية عشرة لهذه اللحظة المحورية، فإن من واجبنا الوطني أن نبقى متحدين وواعين، محافظين على ما تحقق، فالتحديات لا تزال قائمة، والطموحات أكبر من أن نكتفي بما حققناه. الجمهورية الجديدة ليست مشروع سلطة، بل هي عقد وطني جديد بين الدولة والمواطن، يقوم على التنمية والعدالة والسيادة والكرامة.