محللون سياسيون: ثورة 30 يونيو فتحت أمام مصر آفاقاً جديدة للبناء والتنمية الشاملة

منذ 7 ساعات
محللون سياسيون: ثورة 30 يونيو فتحت أمام مصر آفاقاً جديدة للبناء والتنمية الشاملة

في لحظة مفصلية من تاريخ مصر، في 30 يونيو/حزيران 2013، خرج ملايين المصريين إلى الشوارع ليسطروا فصلاً جديداً في تاريخ إرادة الشعب. أعلنوا رفضهم لحكم فئة فشلت في إدارة شؤون الدولة، وأعادوا التوازن إلى مسار أمة كادت أن تغرق في غياهب النسيان. كانت الثورة تعبيراً صادقاً عن وحدة الشعب مع مؤسسات الدولة، وعلى رأسها القوات المسلحة، التي لبّت النداء للحفاظ على وحدة الدولة وهويتها.

أكد خبراء ومحللون سياسيون لوكالة أنباء الشرق الأوسط أن ثورة 30 يونيو مثّلت تصحيحًا للمسار واستعادةً للروح الوطنية التي كادت أن تُدمّر. ومنذ ذلك اليوم، دخلت مصر مرحلة جديدة من الإعمار والتنمية، شملت تنفيذ مشاريع وطنية كبرى في مختلف القطاعات، من البنية التحتية والطاقة إلى الإسكان والصحة والتعليم. وتمثل هذه الجهود محاولة جادة لاستعادة ما فُقد والمضي قدمًا بخطى ثابتة.

أكد الخبراء أن ثورة 30 يونيو لم تكن مجرد حراك شعبي، بل كانت بداية عهد جديد اتسم بقوة الدولة المصرية واستقرارها. استعادت مصر دورها الإقليمي والدولي، وعززت مؤسساتها. وأصبحت تجربة التحول ما بعد الثورة نموذجًا يُحتذى به في إعادة بناء الدول بعد الفوضى، بإرادة شعبية ورؤية استراتيجية.

في هذا السياق، توضح الدكتورة نيفين وهدان، أستاذة العلوم السياسية، أنه في 30 يونيو 2013، خرج ملايين المصريين إلى الشوارع دفاعًا عن هوية الدولة واستعادة وطن كاد أن يُختطف من قِبل جماعة لم تؤمن يومًا بمفهوم الوطن أو فكرة الدولة الحديثة. كانت ثورة 30 يونيو نقطة تحول أعادت ضبط المعادلة الوطنية، ومهدت الطريق لمشروع مصري خالص، يقوم على استعادة الدولة وتقويتها وبناء مستقبلها بسواعد المصريين.

وأضافت أن المصريين، بدعمهم لمؤسساتهم الوطنية، نجحوا في وقف تطور كارثي هدد وحدة البلاد واستقرارها. لم يكن النضال ضد حكومة فاشلة فحسب، بل ضد مشروع شرير يسعى إلى اختطاف الدولة وتفكيك مؤسساتها وفرض واقع غريب عن جوهر مصر وتطورها التاريخي.

وأشارت إلى أنه عندما تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم، لم يكن أمامه سوى طريق واحد: إعادة بناء الدولة من الصفر، وذلك بإطلاق مشروع وطني شامل أعاد رسم الخريطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية للجمهورية الجديدة.

وأكدت أن الجمهورية الجديدة ليست مجرد شعار بلاغي، بل هي رؤية عميقة وشاملة ترتكز على مفهوم الدولة القومية المدنية التي تؤكد على مفاهيم المواطنة والعدالة، وترتكز على بنية تحتية قوية وحديثة، وكفاءات بشرية مدربة، وإرادة سياسية واعية.

وأكدت أن الجمهورية الجديدة نجحت في إطلاق مشاريع واسعة النطاق، بدءًا من العاصمة الإدارية وصولًا إلى البنية التحتية والحياة الكريمة، مما يُمثل نقلة نوعية في فلسفة العدالة الاجتماعية. كما أعادت الدولة بناء مؤسساتها على أسس الكفاءة والحوكمة والشفافية، ومهدت الطريق لتمكين المرأة والشباب وتمثيلهم بفعالية في الإدارة والبرلمان والمجتمع.

وأكدت أن الرئيس السيسي أثبت خارجيًا أنه لا يسعى فقط إلى تعزيز التنمية الداخلية، بل إنه بارع في الهندسة الدبلوماسية. فقد أدار شؤون مصر الإقليمية والدولية بحكمة ودقة، ونجح في استعادة مركزية مصر دون الوقوع في فخ الاستقطاب أو فقدان استقلالية قرارها. وكانت القاهرة حاضرة في جميع القضايا الإقليمية، ساعيةً إلى تهدئة التوترات ودعم الشعوب في اتخاذ قراراتها بشأن مصائرها. ووصفت إنجازات السنوات الاثنتي عشرة الماضية بأنها نقلة حضارية شاملة أعادت تعريف دور الدولة في حياة المواطنين ودورها في مستقبل وطنهم.

أفاد الدكتور محمد الطماوي، خبير العلاقات الدولية، أنه في 30 يونيو/حزيران 2013، خرج ملايين المصريين إلى الشوارع، مطالبين ليس فقط بتغييرات سطحية، بل بعودة وطنهم. واجهت مصر خيارًا حاسمًا: إما أن تسمح بسقوط الدولة في يد مشروع طائفي يطمس هويتها التاريخية، أو أن تعيدها إلى شعبها كدولة مدنية تضم جميع أبنائها. كان خيار الشعب واضحًا، وبدأت عملية تصحيح المسار وإصلاح ما أفسدته الفوضى.

وأضاف الطماوي أنه منذ ذلك اليوم دخلت مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي مرحلة جديدة من البناء والاستقرار، يجسدها مشروع الجمهورية الجديدة، الذي لا يقوم على الشعارات بل على مشاريع رصينة ومؤشرات وأرقام تؤكد أن الدولة لم تستعيد مؤسساتها فقط، بل أعادت تموضعها اقتصاديا وتنمويا وعمرانيا.

وأضاف أن الناتج المحلي الإجمالي لمصر لم يتجاوز 288 مليار دولار في عام 2013، وعانت البلاد من تباطؤ اقتصادي حاد، ونقص في النقد الأجنبي، وارتفاع في التضخم، وبطالة. ومع ذلك، في عام 2023، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي إلى 396 مليار دولار، بزيادة تقارب 37%، على الرغم من تعرض الاقتصاد لصدمات عالمية حادة، لا سيما جائحة كوفيد-19، والحرب بين روسيا وأوكرانيا، وأزمة سلسلة التوريد العالمية.

وأضاف: “احتياطيات النقد الأجنبي، التي انخفضت إلى أقل من 15 مليار دولار في منتصف عام 2013، شهدت انتعاشًا ملحوظًا، وستتجاوز 48 مليار دولار بحلول عام 2025، وفقًا للبنك المركزي المصري. وهذا يمنح الاقتصاد قدرًا من المرونة في مواجهة التحديات الخارجية”.

وأشار إلى أن الجمهوريات الجديدة تميزت في المقام الأول بمشاريع قومية كبرى أعادت توزيع التنمية ودمجت المحافظات في الدولة. وتم إنشاء أكثر من 40 مدينة جديدة، أبرزها العاصمة الإدارية الجديدة، التي تبلغ مساحتها 700 كيلومتر مربع، ويسكنها أكثر من 6.5 مليون نسمة. وتضم مقر الحكومة والبرلمان والحي الدبلوماسي، بالإضافة إلى النهر الأخضر، أكبر حديقة مركزية في الشرق الأوسط.

أكد الطماوي أن الدولة لم تُغفل البعد الاجتماعي في تنميتها، إذ وُسِّعت برامج الحماية الاجتماعية. فعلى سبيل المثال، سيرتفع عدد المستفيدين من برنامجي “تكافل وكرامة” إلى أكثر من 5.2 مليون أسرة بحلول عام 2024، مقارنةً بـ 1.7 مليون أسرة فقط في عام 2015. كما تضاعفت المساعدات النقدية والغذائية، في إطار رؤية شاملة لتحقيق العدالة الاجتماعية، وللتخفيف من آثار الإصلاحات الاقتصادية.

وأكد أن مصر استعادت مكانتها الدولية بفضل دبلوماسيتها الفاعلة واستضافة فعاليات دولية مهمة، مثل منتدى الشباب العالمي ومؤتمر الأطراف السابع والعشرين لتغير المناخ في شرم الشيخ. كما وقّعت مصر اتفاقيات استراتيجية لتطوير نفسها كمركز إقليمي للطاقة، لا سيما مشروع ربط الكهرباء مع أوروبا عبر البحر المتوسط، والذي تتجاوز تكلفته أربعة مليارات يورو.

وخلص التماوي إلى أن ثورة 30 يونيو لم تكن نهاية فصل، بل كانت بداية جديدة: استعادة الدولة وإعادة بنائها، ثم قيادتها بثقة نحو المستقبل. وإذ نحتفل بالذكرى الثانية عشرة لهذه اللحظة المحورية، فإن من واجبنا الوطني أن نبقى متحدين وواعين، محافظين على ما تحقق، فالتحديات لا تزال قائمة، والطموحات أكبر من أن نكتفي بما حققناه. الجمهورية الجديدة ليست مشروع سلطة، بل هي عقد وطني جديد بين الدولة والمواطن، يقوم على التنمية والعدالة والسيادة والكرامة.

من جانبه، قال الدكتور عمرو حسين الباحث في العلاقات الدولية، إن ثورة 30 يونيو المجيدة أعادت كتابة التاريخ المصري الحديث، وعبرت عن وعي شعب لا يريد الخضوع، ولا يسمح باستغلال إرادته أو التلاعب بهويته.

وأضاف حسين أن ثورة 30 يونيو كانت صرخة شعبية مدوية ضد مشروع اختطاف الدولة المصرية لصالح فئة لم تؤمن يومًا بالدولة الوطنية، ولا بمفهوم المواطنة، ولا بالقيم الحضارية التي تُشكل وجدان هذا الشعب العظيم. خرج الملايين إلى الشوارع في استعراض غير مسبوق، رافعين أعلام مصر، معلنين إرادتهم الحرة لإنقاذ الوطن وتحريره من براثن الفوضى والانقسام.

وأكد أن النجاحات التي تحققت في مختلف المجالات منذ 30 يونيو هي ثمرة هذا القرار التاريخي الذي اتخذه الشعب المصري بوعي وحماه رجال القوات المسلحة المخلصون.

وأكد أن 30 يونيو ليست مجرد ذكرى، بل هي رمز لإرادة شعب لا يقهر، ورسالة للعالم بأن مصر قادرة دائماً على النهوض وتجاوز التحديات والدفاع عن وحدتها الوطنية وهويتها الحضارية.

اختتم الدكتور عمرو حسين كلمته مؤكدًا أن ثورة 30 يونيو كانت معجزة سياسية وشعبية أنقذت مصر من مصير مجهول، ومنحت شهادة ميلاد جديدة لأمة جديرة بالحياة. بفضل هذه الثورة، استعادت البلاد قوتها السابقة، وحققت ما لم يكن في الحسبان في سنوات قليلة. وتم إنجاز مشاريع كبرى غيّرت مصر، وأذهلت العالم بتجربة وطن اختار، رغم كل التحديات، أن يعيش بفخر وكرامة.


شارك