«هيئة التأمين الصحي» تكشف تجربة مصر الناجحة في تحقيق الاستدامة المالية للقطاع الصحي

منذ 7 ساعات
«هيئة التأمين الصحي» تكشف تجربة مصر الناجحة في تحقيق الاستدامة المالية للقطاع الصحي

أشاد الدكتور إيهاب أبو عيش نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل بالتعاون الوثيق مع هيئة الشراء الموحد والجهات المعنية الداعمة للمنظومة الصحية، مؤكداً أن مثل هذه الشراكات تعد حجر الأساس في تقدم واستدامة القطاع الصحي.

جاء ذلك خلال مشاركة الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل في حلقة نقاشية رفيعة المستوى نظمتها الهيئة المصرية للشراء الموحد والمستلزمات الطبية وإدارة التكنولوجيا (UPA) بالتعاون مع المركز الأفريقي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (Africa CDC) ووكالة الاتحاد الأفريقي للتنمية – النيباد (AUDA-NEPAD) تحت عنوان “الاستدامة المالية في قطاع الصحة في ظل المتغيرات العالمية”. وجاءت هذه الحلقة النقاشية على هامش مشاركة الهيئة في فعاليات الدورة الرابعة من المعرض والمؤتمر الطبي الأفريقي “Africa Health ExCon 2025”.

استعرض الدكتور إيهاب أبو عيش تجربة مصر في تحقيق الاستدامة المالية في قطاع الصحة، وأكد على أهمية دمج أدوات التمويل المستدام في التحول الرقمي لزيادة كفاءة الإنفاق وضمان التغطية الصحية الشاملة لجميع المصريين. وقال: “لا يزال ضمان الاستدامة المالية لنظام التأمين الصحي الشامل يمثل تحديًا مستمرًا، لا سيما في ظل التزايد المستمر في الإنفاق على خدمات الرعاية الصحية”.

وقال: “هذا يتطلب تقديراً حقيقياً لجهود القائمين على النظام وكذلك المنظمات الشريكة التي تدعم وتروج لمنظومة التأمين الصحي الشامل، مثل هيئة الدواء المصرية، وهيئة الشراء الموحد، والمجلس الصحي المصري، وغيرها من المنظمات المشاركة في توفير الأدوية والخدمات الصحية المختلفة”.

وأضاف أن نسبة تسجيل المواطنين في المحافظات بلغت 83% في المرحلة الأولى من المنظومة، وهو إنجاز مهم على طريق تحقيق التأمين الصحي الشامل لجميع المصريين. وأشار إلى أن محافظة أسوان ستنضم رسميًا إلى المرحلة الأولى اعتبارًا من 1 يوليو، لتصبح سادس محافظة تطبق المنظومة، ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الرؤية الوطنية للصحة.

قدّم الدكتور إيهاب أبو عيش سلسلةً من التوصيات لضمان استقرار تمويل الرعاية الصحية في مصر. وشملت هذه التوصيات: التطبيق التدريجي للنظام بما يُمكّن من إدارة الموارد بكفاءة؛ واستخدام المعارف العلمية في إدارة الرعاية الصحية، مثل تقييم التكنولوجيا الصحية وبروتوكولات العلاج الفعّالة؛ واستخدام أحدث التقنيات الطبية لضبط التكاليف؛ وتوسيع نطاق التحول الرقمي؛ واستخدام الدراسات الاكتوارية واقتصاديات الصحة لضمان تقديم خدمات عالية الجودة. وشدّد على أهمية تنويع مصادر التمويل، وإشراك القطاع الخاص بفعالية، وتحسين التكامل المؤسسي على المستويين الوطني والأفريقي.

وفي هذا السياق، سلط العديد من المشاركين الضوء على التحديات التمويلية التي تواجه النظم الصحية في القارة الأفريقية، وأكدوا على ضرورة استكشاف مسارات بديلة نحو نماذج التمويل المستدامة، مثل سندات الصحة، والتمويل المختلط، والاستثمار في التأثير الاجتماعي، فضلاً عن الشراكات والتحالفات بين القطاعين العام والخاص.

أوضحت سيرينا آغ، رئيسة فريق العمل المشترك لمجموعة العشرين المعني بالصحة في أفريقيا، ضرورة معالجة العديد من الأولويات، لا سيما الاحتياجات التشغيلية كالخدمات الأساسية والمعلومات، بالإضافة إلى عناصر حيوية كالخدمات الاجتماعية والدعم المالي. وأكدت على ضرورة ربط مقدمي الخدمات بالاحتياجات المالية للمجتمع، بما في ذلك الخدمات الاجتماعية والاقتصادية، وضرورة التوسع المستمر في الخدمات في هذا المجال.

وأوضحت أن هناك ثلاثة ركائز أساسية يمكن البناء عليها: فهم مشترك، ونهج تدريب متسق، وتكامل بين العلوم والتمويل. كما أكدت على أهمية تكثيف اجتماعات الشراكة المشتركة. ويعتزم الاتحاد الأفريقي تنظيم المزيد من الاجتماعات هذا العام، عقب الاجتماع الرابع في يونيو/حزيران.

أكدت الدكتورة داليا السمهوري، خبيرة الصحة العامة في صندوق التأهب والاستجابة للأوبئة، أن منح الجهات المانحة غالبًا ما تكون قصيرة الأجل، ولا تلبي، بمفردها، احتياجات الإصلاحات أو بناء القدرات المستدامة. وشددت على ضرورة دمجها مع القروض المشروطة من لجان التنمية متعددة الأطراف.

وأكدت أن التنمية الفعالة تتطلب تجاوز مأزق التمويل وتحقيق تكامل حقيقي بين القطاعين الصحي والمالي. ودعت إلى حوار فعّال يعزز الأمن الصحي والمالي بشكل متكامل.

أوضح الدكتور ريتشارد تشيفاكا، مُدير الجلسة، أن حوالي 40% من تكاليف الرعاية الصحية تُنفق على الأجور. وهذا يُظهر بوضوح ضرورة إعادة تقييم آليات تخصيص الموارد بما يحقق الكفاءة والعدالة. وتتطلب هذه النسبة المرتفعة دراسةً جادةً لكيفية تعظيم العائد من كل جنيه يُنفق في قطاع الرعاية الصحية.

وفي هذا السياق، طرح سؤالاً محورياً حول دور القطاع الخاص في توفير شبكة دعم تضمن الكفاءة والشفافية والقيمة مقابل المال، مؤكداً أن الإجابة على هذا السؤال تمثل خطوة مهمة نحو بناء نظام صحي مستدام وشامل.

وفي كلمته، أكد الدكتور أحمد عز الدين، الرئيس التنفيذي لمجموعة مستشفيات كليوباترا، أن السؤال الجوهري الأهم اليوم هو: ماذا يمكننا أن نتعلم عن الكفاءة والتوجه الاستراتيجي للمستقبل؟

وأوضح أنه ينصح بشكل عام بوضع خطة عمل واضحة لكل شركة، تتضمن الجوانب المالية ومبادئ الاستثمار ومعدل الفائدة الذي يبلغ حالياً 25%.

وقال عز الدين إنه من المهم التفكير بشكل شمولي عند تنفيذ التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، ليس فقط كأدوات معزولة، ولكن كجزء من نظام متكامل يدعم اتخاذ القرار ويزيد من الكفاءة التشغيلية.

أكد على أهمية أن يكون المستثمر أو مدير المشروع هو من يقود الرؤية، لا أن يقتصر على تنفيذها. وأشار إلى أن التركيز على نموذج الاستثمار وشروطه سيُحدث فرقًا كبيرًا خلال خطة التنمية المستقبلية.

في هذا السياق، أكد الدكتور ممدوح العربي، الرئيس التنفيذي لمجموعة العربي، أن مستشفى العربي وقّع اتفاقيات تعاون مع عدد من البرامج الدولية لتقديم خدمات رعاية صحية مجانية للمصريين. وأكد أن هذه الخطوة تأتي في إطار التزام المجموعة بتوسيع نطاق الوصول إلى الرعاية الصحية المتقدمة داخل مصر وخارجها.

أكد الدكتور العربي أن تحسين جودة الرعاية الصحية يُعدّ من القيم الأساسية للمجموعة، حيث تلتزم بالحفاظ على أعلى المعايير الطبية وتطوير الموارد البشرية للمساهمة في بناء نظام رعاية صحية أكثر كفاءة واستدامة.

وفي سياق متصل، ناقشت الجلسة السبل التي يمكن من خلالها للدول الأفريقية تعبئة الموارد الصحية وتحسين استخدامها وتطوير آليات التمويل لأنظمة صحية مرنة تحقق المساواة وتخدم جميع الناس، في مواجهة التحديات المتزايدة على المستوى العالمي.

سلّطت الجلسة الضوء على أهمية الاستدامة المالية للأنظمة الصحية من خلال تطوير نماذج تمويل محلية مستدامة بقيادة الدول الأفريقية. وركزت المناقشات على ضرورة إعادة تصميم استراتيجيات تعبئة الموارد، وتجديد أدوات التمويل المختلفة، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتحقيق الأثر المنشود على البنية التحتية وتقديم الخدمات الصحية للمستفيدين.

أدار الجلسة الدكتور ريتشارد تشيفاكا، الأستاذ المشارك في استراتيجية الشركات وإدارة سلسلة التوريد بكلية الدراسات العليا لإدارة الأعمال بجامعة كيب تاون، والمؤسس والرئيس التنفيذي لشركة سبارك هيلث أفريقيا. وشارك في الجلسة نخبة من المسؤولين وصناع القرار من مختلف الدول، بالإضافة إلى منظمات إقليمية ودولية.


شارك