“بعد الهجوم الإيراني على قاعدة عُديد الأمريكية: هل كانت هناك مفاوضات خفية بين إيران وواشنطن؟”

في ظل التطورات المتسارعة والمستمرة في الشرق الأوسط، والتصعيد بين إسرائيل وإيران، ودخول واشنطن في المواجهة وهجومها على طهران، يشعر العالم اليوم بقلق بالغ إزاء الهجوم الإيراني على قاعدة العديد الجوية الأمريكية في قطر وقاعدة عين الأسد الجوية في العراق. فما هو الرد الأمريكي على إيران؟ وكيف سيتطور الوضع إذا تفاقم الوضع وأغلقت إيران مضيق هرمز؟
هل هناك تنسيق مسبق بين إيران وواشنطن؟
قال النائب تيسير مطر، رئيس حزب “إرادة جيل”، إن الهجوم الإيراني على القاعدة الجوية الأمريكية في العديد كان رمزًا لتوازن الردع. وأشار إلى أن إيران استهدفت قواعد عسكرية أمريكية بضربات انتقامية، لكن في الظروف العادية، لن يؤدي ذلك إلا إلى تفاقم التوترات.
وأضاف النائب تيسير مطر أن الهجوم الإيراني على قاعدة العديد الجوية الأميركية في قطر لم يكن قويا بما يكفي ويعتبر محدودا جدا، ما قد يشير إلى تنسيق مسبق بين إيران ودول معينة لتنفيذ الهجوم.
وتابع: “لكن يجب ألا ننسى تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه ستكون هناك ردود فعل قاسية إذا هاجمت إيران القواعد الأمريكية في دول الخليج”.
وقال مطر “في نهاية المطاف، أعتقد أن الهجوم الإيراني على قاعدة العديد هو رسالة قوية من إيران إلى إسرائيل، تُظهر قوتها في الرد وتنفيذ تهديداتها”، مضيفاً “ومع ذلك، أعتقد أن هذه الرسالة لن تجلب الهدوء”.
ما هو رد الفعل العالمي على إغلاق مضيق هرمز؟
وشرح ردود الفعل الدولية المتوقعة على إغلاق إيران مضيق هرمز، مشيرا إلى أن الرد الدولي والعسكري المحتمل على هذا الإجراء سيكون تدخل الولايات المتحدة وحلفائها، باستخدام قواتها البحرية (الأسطول الخامس وغيره)، لفتح المضيق، بالقوة إذا لزم الأمر.
وأشار إلى أنه يتوقع تصعيداً عسكرياً محتملاً واسع النطاق، لافتاً إلى أن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى انضمام قوات بحرية أوروبية إلى القوات الأميركية.
وأشار مطر إلى أن مثل هذا القرار سيعتبر بمثابة “انتحار اقتصادي”، ناهيك عن التداعيات الإقليمية والعالمية والتوترات المتصاعدة التي قد تؤدي إلى تصعيد شامل بين إيران والغرب وربما تدخل قوى إقليمية أخرى.
وأضاف أن هذا القرار سيكون له آثار سلبية في العديد من المجالات، مثل ارتفاع أسعار الطاقة والنفط، فضلاً عن ارتفاع تكاليف التأمين والنقل، مما سيؤثر بدوره على أسعار السلع والنقل عالمياً.
وأكد أن إغلاق إيران لمضيق هرمز خطوة رمزية وتعبير عن التصعيد، مشيرا إلى أن القرار النهائي سيحتاج إلى موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.
وأوضح أن الحكومة الإيرانية تريد استخدام إغلاق المضيق كوسيلة ضغط استراتيجية، إلا أن القيام بذلك قد يعرض صادراتها النفطية للخطر، لأنها تعتمد على المضيق.
المواجهة بين إسرائيل وإيران
الهجوم الأمريكي على إيران
استهدفت الولايات المتحدة صباح الأحد أكبر ثلاثة مفاعلات نووية في إيران: تلك الموجودة في نطنز وأصفهان، ومركز التخصيب النووي في فوردو.
على وجه التحديد، نُفِّذ الهجوم باستخدام 125 طائرة، بما في ذلك طائرات مقاتلة، وطائرات تمويه، وطائرات مرافقة، وطائرات تزويد بالوقود جوًا. وأُلقيت على منشأة فوردو ما يقارب اثنتي عشرة قنبلة خارقة للتحصينات من طراز GBU-57، تزن كل منها حوالي 14 طنًا. كما استهدفت غواصات أمريكية المنشأتين في نطنز وأصفهان بثلاثين صاروخًا من طراز توماهوك بعيد المدى.
بعد دقائق من الهجوم، غرد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على موقع Truth Social بأن طائرات مقاتلة أمريكية نفذت هجومًا ناجحًا للغاية على المنشآت النووية الإيرانية الثلاثة: فوردو، ونطنز، وأصفهان.
وأضاف أن الطائرات المقاتلة خرجت الآن من المجال الجوي الإيراني وعادت بسلام بعد إسقاط كمية كبيرة من القنابل على فوردو.
وأشار إلى أنه لا توجد قوة عسكرية في العالم قادرة على تحقيق ما حققته القوات المسلحة الأميركية، وأعلن: “لقد حان وقت السلام”.
في مؤتمر صحفي عُقد يوم الأحد، صرّح ترامب بأن بلاده حرمت إيران من القدرة على امتلاك قنبلة نووية. وأضاف: “حققنا أمس نجاحًا عسكريًا هائلًا في إيران”. وأشار إلى أنه “خلال إدارة كارتر، قتلت إيران وجرحت آلاف الأمريكيين واحتلت سفارتنا في طهران”.
بداية الهجمات الإسرائيلية على طهران
في 13 يونيو/حزيران 2025، شنّت إسرائيل هجمات واسعة النطاق على منشآت نووية وعسكرية إيرانية باستخدام طائرات مقاتلة وطائرات مُسيّرة. قُتل عدد من كبار السياسيين والعلماء الإيرانيين. ردّت إيران في الليلة نفسها بوابل من الصواريخ والطائرات المُسيّرة استهدف الأراضي الإسرائيلية. وفي الأيام الأخيرة، تعرّضت أهداف في حيفا وتل أبيب ومناطق سكنية لهجمات.
أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في مرمى النيران
في يوم الثلاثاء 17 يونيو 2025، هاجمت إيران وكالات الاستخبارات الإسرائيلية “المخابرات العسكرية والموساد”.
وذكرت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء أن مصادر دفاعية إيرانية أكدت مقتل عدد كبير من كبار الضباط وقادة هذه الأجهزة.
على وجه التحديد، شنّت القوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني هجومًا صاروخيًا على مراكز أمنية واستخباراتية شمال تل أبيب باستخدام صاروخ حديث ومتطور. استهدف الهجوم مركزين استخباراتيين رئيسيين: أمان (جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي) والموساد (جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي).
الوجهة هي مبنى Gav-Yam 4
في يوم الجمعة، 20 يونيو/حزيران 2025، هاجمت إيران مبنى “غاف-يام 4″، وهو مركز تكنولوجي ضخم يُقدّم خدمات التجسس والذكاء الاصطناعي للجيش الإسرائيلي. يعمل في المركز موظفون من شركات عالمية مثل مايكروسوفت وآي بي إم، بالإضافة إلى ضباط تقنيين من وحدات الحرب السيبرانية التابعة للجيش الإسرائيلي. يتلقى أفراد المخابرات الإسرائيلية تدريبًا على استخدام الطائرات المسيّرة في هذا المبنى، ويضم مكاتب تابعة لعمليات التجسس ووحدات الأمن الداخلي التابعة للجيش الإسرائيلي.
وفي نفس المنطقة التي هاجمتها إيران بصاروخ يحمل نحو 300 كيلوغرام من المتفجرات، يوجد مجمع استخبارات عسكري إسرائيلي ضخم يضم وحدة “أوفيك” التكنولوجية التابعة لسلاح الجو، ومراكز تكنولوجيا سيبرانية أخرى، وقيادة المنطقة العسكرية الجنوبية بأكملها.
إيران تسبب دمارًا هائلًا في إسرائيل
وفي يوم السبت الماضي، شنت إسرائيل غارات جوية انتقامية مركزة في عمق إيران، مستهدفة مدن أصفهان وشيراز وقم وسمنان، مما تسبب في دمار هائل في هذه المناطق.
على وجه التحديد، شنّت نحو 15 طائرة إسرائيلية هجومًا عنيفًا على نفق ضخم غرب إيران يُخزّن فيه صواريخ. وقصفت 50 طائرة أخرى أصفهان، مستهدفةً مبانٍ مدنية ومواقع دفاع جوي ومنشآت نووية، وفقًا لما ذكرته وكالتا أسوشيتد برس ورويترز.
وخسرت إيران نحو 44 منصة لإطلاق الصواريخ في هذه الهجمات، كما قُتل أكثر من 639 مدنياً منذ بدء الحرب، بما في ذلك العالم النووي الإيراني إيثار طباطبائي، الذي اغتالته إسرائيل بطائرة بدون طيار خلال الهجمات، وفقاً لوكالة مهر الإيرانية للأنباء، مع زوجته.
ردّت إيران بقوة على هذا الهجوم، فأطلقت وابلًا جديدًا من الصواريخ على تل أبيب وحولون ومناطق أخرى. وعُزيت الخسائر إلى استنفاد ذخائر قوات الاحتلال المضادة للطائرات.