مخيمات حجاج الجمعيات الأهلية: صوت التلبية والدعاء يصدح فوق كل الأصوات

منذ 2 أيام
مخيمات حجاج الجمعيات الأهلية: صوت التلبية والدعاء يصدح فوق كل الأصوات

في قلب عرفات، تبلغ الروحانية ذروتها، وتتوق القلوب إلى المغفرة. بدت مخيمات حجاج منظمات المجتمع المدني كواحة من الهدوء وسط الحشود، يغمرها سكونٌ خاص، وتتردد أصداء الأدعية والدعاء بلا انقطاع.

منذ ساعات الصباح الأولى، ترددت أصوات التلبية وكأنها لحن سماوي متواصل:

ها أنا ذا يا الله، ها أنا ذا، ها أنا ذا، لا شريك لك، ها أنا ذا.

بين تكرار التلبية ورفع الأيدي بالدعاء تمتلئ الوجوه بالخشوع وتنهمر الدموع بهدوء، في مشهد نادر الحدوث في الحياة.

رغم وجود آلاف الأشخاص في المخيمات، بدا كل حاج وكأنه في عالمه الخاص، يتواصل مع الله بقلبه لا بلسانه، كما لو كان محاطًا بنعمة السماء فقط. حالة روحية بحتة عزلت الحاج عن ضجيج الأرض وربطته بالسماء.

لا صوت يعلو فوق صوت الدعاء، ولا حركة تسبق لحظة الرجاء. تختلف الأدعية، لكن الغاية واحدة: القبول والرضا والمغفرة. والنظر إلى السماء واحد مهما اختلفت المحافظات والانتماءات.

في خضمّ الصلوات الفردية والجماعية، يسود جوٌّ من السكينة في المخيمات، حيث لا مجال للنقاشات أو الأفكار التي تُركّز فقط على القرب من الله. تُرفع الصلوات بخشوع، بعضها من أجل الحياة بعد الموت، وبعضها من أجل العائلة والوطن، وبعضها الآخر يكشف عن طموحات إنسانية بسيطة لكنها عميقة.

ورغم الطبيعة الروحية الساحقة للحج، فقد قدمت وزارة التضامن الاجتماعي الدعم التنظيمي، من الغذاء والرعاية الصحية إلى دعم الحجاج على مدار الساعة وتسهيل دخولهم وخروجهم من عرفات بشكل سلس ومنظم.

كانت المشاهد الإنسانية حاضرة في كل مكان، من حاجّ يرفع يديه باكيًا إلى آخر يتأمل السماء بصمت كما لو كانت تكشف عن سرّ غامض. كان كلٌّ منهما في عزلته العميقة، يحمل بين قلبه ولسانه أمنيةً ستلامس أبواب السماء المفتوحة في هذا اليوم العظيم.

مع اقتراب غروب الشمس، يزداد الخشوع ويزداد الدعاء. في اللحظات الأخيرة من يوم عرفة، يبدو الزمن وكأنه متوقف، والجميع ينتظر الرحمة أو المغفرة أو لحظة قبول.

في مخيمات الحجاج تخفت أصوات العالم، وتسمع نداءات القلوب، وتتلاشى المسافات بين الأرض والسماء.


شارك