جمعية الرؤساء التنفيذيين تكشف عن توجه الاقتصاد المصري نحو الانضباط والاستدامة الجديدة

أكد محمد رضا، نائب رئيس جمعية الرؤساء التنفيذيين في الشرق الأوسط وأفريقيا، أن إطلاق الحكومة للسردية الوطنية للتنمية الاقتصادية جاء في وقت حاسم. هذه السردية تمثل نقطة تحول في مسيرة الإصلاح الاقتصادي المصري، حيث تعد إطارًا استراتيجيًا متكاملاً يربط بين مستهدفات رؤية مصر 2030، ووثيقة ملكية الدولة، وبرنامج عمل الحكومة والبنك المركزي المصري في المرحلة المقبلة، مما يعزز السياسات الداعمة للنمو والتوظيف.
رسالة قوية للمستثمرين
أضاف رضا أن السردية تحمل رسالة قوية إلى المجتمع الدولي والمستثمرين الإقليميين والدوليين، حيث تشير إلى أن الاقتصاد المصري يتجه نحو مرحلة جديدة من الانضباط والاستدامة. تأتي هذه الخطوة خاصة في ظل التحديات العالمية الحالية مثل التوترات الجيوسياسية وتقلبات الاقتصاد العالمي. وهذا سيمكن مصر من تنويع مصادر التمويل وتقليل الاعتماد الكلي على برامج صندوق النقد الدولي، في ظل ما تمت الإشارة إليه من عدم توافق وجهات النظر بشأن بعض الإجراءات الإصلاحية وتأجيل المراجعات والشرائح التمويلية المرتبطة بالبرنامج القائم مع الصندوق.
إطار إصلاحي شامل
تتجسد السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية في إطار إصلاحي شامل يتكون من خمسة محاور رئيسية، تشمل: استقرار الاقتصاد الكلي، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، والتنمية الصناعية والتجارة الخارجية، وكفاءة ومرونة سوق العمل، والتخطيط الإقليمي لتوطين التنمية. يتماشى هذا مع الأولويات الوطنية لتعزيز النمو وخلق فرص عمل جديدة وتحقيق تنمية متوازنة بين الأقاليم، مما يعيد تعريف دور الدولة في الاقتصاد ويعزز تنافسيتها.
فتح المجال أمام القطاع الخاص
كما يعمل هذا على فتح المجال بشكل أكبر أمام مشاركة القطاع الخاص كشريك رئيسي في عملية التنمية الاقتصادية. وبالتالي، تمهد السردية الطريق لبناء اقتصاد قوي يعتمد على الإنتاج والتصدير ويستطيع مواجهة التحديات وتحقيق التنمية المستدامة، مما سينعكس إيجابياً على تحسين معيشة المواطنين وتوفير فرص عمل جديدة، وذلك في ظل انتهاء الحكومة من عملية إصلاح تشريعي واسعة النطاق.
الحوار المجتمعي ودعم التنفيذ
وأشار رضا إلى أن الحكومة المصرية ستتبنى حواراً مجتمعياً واسعاً حول السردية الوطنية على مدار الشهرين القادمين، بمشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني وكافة قطاعات الاقتصاد المصري. سيساهم هذا الحوار في تحقيق التكامل والسيطرة على هذه الرؤية، مما يعزز من إمكانية تنفيذها بدعم من جميع الأطراف الاقتصادية، سواء من القطاع العام أو الخاص.
انعكاسات السردية على الاستثمارات الأجنبية
أكد محمد رضا أن السردية الوطنية ستجلب انعكاسات إيجابية مباشرة على تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة. فوضوح الرؤية الاقتصادية حتى عام 2030 يمنح المستثمر الأجنبي مستوى أعلى من الثقة والقدرة على التنبؤ، مما يقلل من مخاطر عدم اليقين التي تعيق عادة الاستثمار طويل الأمد.
تعزيز القطاعات الإنتاجية
تضع السردية قطاعات التصدير والتحول الصناعي على رأس أولويات الحكومة، مع تقديم حوافز موجهة لتعزيز الصادرات وتطوير البنية التحتية والخدمات اللوجستية. مما يجعل مصر مركزًا صناعيًا إقليميًا يخدم أسواق إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، مستفيدة من شبكة اتفاقياتها التجارية مثل الكوميسا واتفاقية الشراكة الأوروبية.
مصداقية الدولة أمام المؤسسات المالية
كما تعزز السردية من مصداقية الدولة أمام المؤسسات المالية الدولية، ما يمهد الطريق لرفع التصنيف الائتماني لمصر تدريجياً. وهو ما يمثل عاملاً حاسماً في جذب المستثمر المؤسسي وصناديق الثروات السيادية من دول الخليج وآسيا.
تحول مصر إلى وجهة استثمارية
يرى محمد رضا أن السردية الوطنية ستعمل على تحويل صورة مصر في أذهان المستثمرين من اقتصاد يعتمد على رد الفعل وبرامج التمويل الطارئة، إلى اقتصاد يملك خطة واضحة وطموحة. وهذا سيؤدي إلى:
- تحول مصر إلى وجهة استثمارية استراتيجية طويلة الأجل، خصوصاً في قطاعات الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والخدمات اللوجستية.
- رفع ترتيب مصر في مؤشرات التنافسية الدولية مثل Ease of Doing Business وGlobal Competitiveness Index.
- تعزيز الرسائل الدبلوماسية الاقتصادية لمصر وتقليل الاعتماد على برامج الدعم الخارجي.
تأثير السردية على سوق المال
سيكون للسردية تأثير مباشر على تطوير سوق المال المصري، حيث ستعطي إشارات إيجابية للمستثمرين حول برنامج الطروحات الحكومية، مما يشجع على مشاركة رؤوس الأموال الأجنبية في شراء حصص بالشركات المطروحة، بالإضافة إلى تحفيز القطاع الخاص على القيد بالبورصة لجمع التمويل.
إذا تزامن هذا التوجه مع إصلاحات هيكلية في قوانين سوق المال وتحسين السيولة، فإنه سيؤدي إلى:
- تحسن أداء الأسهم المصرية، خصوصاً في قطاعات البنوك والصناعات التصديرية.
- دخول صناديق استثمار أجنبية ومؤسسات مالية كبرى.
- تطوير سوق أدوات الدين مثل السندات والصكوك، وتقليل الاعتماد على الاقتراض قصير الأجل.
وأكد محمد رضا أن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية ليست مجرد وثيقة حكومية، بل هي إطار جامع يوحد جهود الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، ويرسل إشارة قوية للمجتمع الدولي بأن مصر قادرة على إدارة اقتصادها بكفاءة واستقلالية، مما يجعلها وجهة استثمارية رائدة في المنطقة في ظل التحولات العالمية التي تبحث فيها رؤوس الأموال عن أسواق واعدة وآمنة.