بعوضة النمر الناقلة للفيروسات تتسبب في أزمة صحية جديدة في أوروبا حسب راديو كندا

منذ 4 ساعات
بعوضة النمر الناقلة للفيروسات تتسبب في أزمة صحية جديدة في أوروبا حسب راديو كندا

تتوسع بعوضة النمر، الناقلة للفيروسات مثل حمى الضنك وحمى الشيكونغونيا، في عدة مناطق من فرنسا. وقد حذر الباحثون من أن تغير المناخ يسهل من غزوها لشمال أوروبا، كما أن كندا قد تكون معرضة لهذا التهديد، مما يعني أن الأمراض التي تحملها ستصبح شائعة في نصف الكرة الشمالي قريبًا.

تأثير تغير المناخ على انتشار البعوض

قام الباحث أندريا راديتشي وفريق من علماء الحشرات وعلماء المناخ وعلماء الأوبئة بإعداد نموذج يوضح الطرق التي يؤثر بها تغير المناخ على توسع بعوضة النمر التي تنقل أمراضًا مثل حمى الضنك وحمى الشيكونغونيا وفيروس زيكا، بحسب ما ذكرته راديو كندا.

تحذيرات بشأن تفشي الأوبئة

حذر أندريا راديتشي، الذي يتولى قيادة هذه الدراسة في جامعة مونبلييه، من أن كافة مناطق فرنسا، وبالأخص المدن، ستتأثر بشكل ملحوظ.

أفاد تحليلهم أن مناطق جديدة في الشمال، منها باريس ورين وستراسبورغ، أصبحت مهيأة لاستقبال هذه البعوضة، والتي قد تنتشر قريبًا إلى شمال أوروبا، مؤثرة على مدن حيوية مثل لندن وليل وفرانكفورت وفيينا.

زيادة الحالات المتوطنة في فرنسا

سُجل خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2025 أكثر من 220 حالة إصابة محلية بشيكونغونيا وحمى الضنك في فرنسا، مما يعكس زيادة تقدر بثلاثة أضعاف مقارنة بالسنوات السابقة.

وأكد راديتشي أن جميع هذه الإصابات حدثت داخل البلاد، دون الحاجة للسفر إلى المناطق الاستوائية.

التوقعات المستقبلية

خلصت دراستهم إلى نتائج مماثلة لتلك التي وجدها باحثون آخرون، حيث أوضحت دراسة من السويد أن أوبئة حمى الضنك وحمى شيكونغونيا قد ترتفع بمعدل خمسة أضعاف بحلول عام 2060 نتيجة لتغير المناخ.

بحسب المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها (ECDC)، تدخل أوروبا حقبة جديدة حيث أصبحت نقل هذه الأمراض محليًا هو القاعدة. وأشار المركز إلى أن بعوضة النمر متوطنة الآن في 16 دولة أوروبية و369 منطقة، مقابل 114 منطقة قبل عشر سنوات فقط.

وسائل انتشار البعوض والتغير المناخي

حذر راديتشي من أن الأمراض المنقولة بواسطة هذه البعوضة أصبحت جزءًا من الواقع الأوروبي. تستفيد بعوضة النمر من طرق النقل المختلفة لتوسيع انتشارها، في حين أن تغير المناخ يوفر بيئات مثالية لتكاثرها.

تكيَّفت البعوضة بنجاح مع المناخات المعتدلة، والبيئات الحضرية تعد عرضة للخطر، حيث يمكن لهذه البعوضة أن تتكاثر بنجاح في هذه الظروف، خاصةً في المناطق ذات الجزر الحرارية.

توقعات من العلماء الكنديين

ذكرت أنطوانيت لودفيج، الخبيرة في علم الأوبئة البيطرية في وكالة الصحة العامة الكندية، أن غزو بعوضة النمر لجنوبي كيبيك وأونتاريو وكولومبيا البريطانية يعد مسألة وقت فقط، مشيرة إلى أنها موجودة بالفعل في منطقة وندسور-إسيكس في أونتاريو.

تظهر التوقعات أنه مع ارتفاع درجات الحرارة، سيزداد انتشار البعوض، مما يؤدي إلى مخاطر أعلى لنقل العدوى محلياً، كما حدث في فرنسا، متوقعة أن تتكرر هذه الظاهرة في كندا ولكن مع بعض التأخير.

جهود المراقبة والتعاون

تقوم لودفيج وزملاؤها بمراقبة بعوضة النمر بشكل دقيق، ويتابعون كيفية تعامل فرنسا مع هذا التحدي الجديد، كما يسعون لابتكار استراتيجيات للحد من انتشار البعوض.

على سبيل المثال، تم تطوير مشروع بحثي لرصد وجود البعوض في نقاط دخول مختلفة إلى كندا. ويعمل لودفيج حاليًا مع فريق من جامعة شيربروك على تطوير خوارزمية تساعد المواطنين في تصوير البعوض والتعرف عليه.

كما يتعاون مشروع آخر بين جامعات شيربروك وماكجيل وكونكورديا للحصول على عينات من مياه الأراضي الخاصة بالمواطنين. وقد أجرى هذا الفريق دراسة تجريبية في مونت سانت هيلير، ويأملون في توسيع نطاق المشروع ليشمل مناطق أخرى في العام القادم.

استراتيجيات الحد من انتشار البعوض

تعتبر معالجة بؤر التكاثر أهم وسيلة للحد من انتشار البعوض. وفقًا لراديتشي، يتعين على المدن والمواطنين اتخاذ تدابير إضافية، مثل تقليل المناطق ذات المياه الراكدة، وتركيب مصائد للبعوض، وتغطية حاويات المياه.

كما أشار إلى أن البلديات بحاجة إلى مراعاة هذا التهديد في خططها الحضرية، حيث قد تؤدي مشاريع التشجير الحضري لمكافحة تغيّر المناخ إلى خلق مواطن جديدة ملائمة لرخاء البعوض.

إذا تمكنت بعوضة النمر من التأقلم مع الظروف المتغيرة، فسيتعين على المواطنين في النصف الشمالي من الكرة الأرضية الاستعداد لمخاطر متزايدة من انتشار الأمراض بواسطة هذا النوع من البعوض.

خلفية تاريخية

تم اكتشاف بعوضة النمر، التي تعتبر موطنها الأصلي جنوب شرق آسيا، في إيطاليا في التسعينيات من القرن العشرين، ثم وُجدت في فرنسا عام 2004. ومنذ ذلك الحين، استوطنت 81 من أصل 96 مقاطعة حضرية فرنسية.


شارك