عمال المحاجر.. حياة بطعم المُر

منذ 2 ساعات
عمال المحاجر.. حياة بطعم المُر

200 ألف عامل مهددون بالموت.. ولا يوجد تأمين اجتماعي أو صحي

رجل المحاجر: نحن نراهن على حياتنا مقابل 300 جنيه مصري، ولن يرحمنا أحد

“”الموظ”” قطع حياة رجل، وتركه عاجزاً في منزله دون أي تعويض.. وآخر قطعت أربعة أصابع، ودون تعويض أيضاً!

نقابة عمال المحاجر والمناجم:

وهم ينتمون إلى الفئة الأولى من الرعاية ويجب أن تنظر إليهم وزارة العمل بعين العطف

 

أصحاب المقالع يهددون الجميع: «ستشتغلون ولن تذهبوا وسنجيب غيركم» أفضل رعاية طبية للمصابين هي الشاش والمراهم!

 

إنهم ينحتون الحجر ليعيشوا ويحاربون المخاطر لضمان سبل عيش أسرهم.

خلال ساعات عملهم، يتنفسون الغبار وأيديهم تحطم الصخور، فيما تهدد المعدات الثقيلة الحادة بتمزيق أجسادهم، والصخور تهدد بتهشيم عظامهم، وأسلاك الكهرباء تهدد بصعقهم بالكهرباء.

هكذا يعيش عمال المحاجر، يعملون في مهنة لا تعترف بالضعفاء، ولا تهتم بالمرضى، ولا تقدم رعاية اجتماعية أو طبية للمصابين أثناء العمل.

ويجب على من يراهم يعملون أن يتعاطف معهم ويعجب بقدرتهم على العمل وحرصهم على البحث عن “الطعام الحلال” حتى لو كان فيه البؤس والخطر.

توجد في صحراء المنيا مناطق صخرية مغطاة باللون الأبيض الناصع، تذكرنا بالجبال الجليدية في القطب الشمالي. وفي شرق مدينة المنيا، وخاصة في منطقة المحجر، يمكن رؤية “عمال المحاجر” وهم يتحدون الصخور ويكسرونها بصدورهم العارية. واستخراج الجير الأبيض الذي يستخدم في إنتاج الطوب الأبيض والأسمدة لتغذية الحيوانات والسيراميك واستخلاص الكالسيوم.

وتشبه قصة حسن أبو علي، أحد عمال المحاجر، قصص آلاف العمال في هذه المهنة المضنية. وهو طالب جامعي شاب حاصل على درجة البكالوريوس في التربية البدنية، وكان مثل بعض خريجي كليته صاحب “صالة رياضية” ولم يكن محظوظا بما فيه الكفاية للحصول على وظيفة في القطاع العام أو الخاص وكان لديه. لا شيء يحدث إلا “الصحراء والصخر” ويعمل في إحداهما، وكان يعمل من الرابعة صباحًا حتى الواحدة ظهرًا في محاجر المنيا وكانت وظيفته تقطيع “كتل الحجر” وأحيانًا رفع الطوب بعد الانتهاء منه.

بصوت يمثل هموم العالم، يقول حسن إن العمل في المحاجر من أصعب الأعمال ومحفوف بالمخاطر، مع انتشار المعدات الثقيلة والحادة والغبار حول مكان العمل، مما يجعل الرؤية صعبة، وفي هذه الأجواء قد يكلفك خطأ واحد حياة.

وأضاف: عامل المحجر يتقاضى 300 جنيه يوميا لكنه يعرض حياته للخطر من أجل ذلك، مؤكدا أن جميع العمال غير مشمولين بنظام الضمان الصحي أو الاجتماعي والإصابات تهدد حياة كل عامل. ويهدد استقرار جميع أسر عمال المحاجر، رغم أنها أصعب الأعمال. الأمر أصعب، لكن جميع العمال يريدون “الرزق الحلال”.

وأكد أبو علي أن العمال معرضون للخطر في أي وقت وأن حياتهم في يد شيطان. وقال: “الإصابة التي تؤدي إلى الوفاة تؤدي إلى العجز الكلي ولا أحد يحاسب العامل لا مادياً ولا معنوياً”، ولا يعوضه مالياً ولا يدعمه بسبب غياب الرقابة العمالية من قبل الجهات المختصة وذات العلاقة لا يعتني أصحاب المحجر بالعمال في حالة إصابتهم إلا إذا تقدموا بشكوى ضده متهمين إياه بالإهمال وعدم منحه أي تعويض عن الإصابة، وهي الطريقة الوحيدة للحصول على حقوقه القانونية. جميع عمال المحاجر يخافون على حياتهم، لكن حرصهم على معيشتهم اليومية و”حياتهم” يجبرهم على العمل في هذه الظروف من أجل تلبية احتياجات أسرهم.

ينقسم عمال المحاجر إلى مهام متعددة، فمنهم من يعمل على آلات القطع والتقطيع، والبعض الآخر يقوم بتحضير الطوب الأبيض ونقله.

وأوضح محمد أبو فتحي، عامل بأحد محاجر المنيا، أن العمل في المحاجر ينقسم إلى فترتين: الأولى من الساعة 4 صباحًا حتى الساعة 1 ظهرًا (الفترة الصباحية)، والفترة المسائية من الساعة 3 عصرًا إلى الساعة 10 مساءً ويستمر حتى نهاية اليوم الشاق، على أمل العودة الآمنة إلى عائلته.

وقال أبو فتحي: “إن أكثر ما يخيف العمال هو خطر الإصابة من الآلات الحادة التي يعملون بها في المحجر أو من الكابلات الكهربائية المكشوفة، وكل صاحب محجر لا يهمه إلا مصلحته، دون مراعاة للحياة والسلامة”. من العمال “. الصحة ، والتي يمكنه دفع 300 جنيه مصري في اليوم.

وأضاف: “كان أخي يدير بعض العمال في أحد المحاجر، وتعرض العامل الذي يدعى إيهاب إلى قطع أربعة من أصابع يده أثناء العمل. وعندما توجه العامل المصاب إلى صاحب المحجر لإنقاذه وتقديم الرعاية الطبية له، رفض صاحب المحجر مساعدته، وعلى الفور توجه العامل المصاب لتقديم شكوى لاتخاذ الإجراءات القانونية وتعويضه. وعندما علم بالأمر قام صاحب المحجر بتقديم المحضر بنقل العامل إلى أحد مستشفيات سمالوط وإجراء عملية جراحية إلا أنها باءت بالفشل وأدت إلى إعاقة العامل، فاضطر إلى إجراء عملية جراحية جديدة له. عملية جراحية “لتصحيح أخطاء العملية الأولى التي كلفته 5000 جنيه مصري، ورفض صاحب المصنع تعويضه عنها حتى يومنا هذا”.

وروى أبو فتحي قصة عامل آخر قطعت ساقه بآلة الحلاقة وتم إدخال ساق صناعية. ولم يعد قادراً على العمل ولم يحصل على أي تعويض عن إصابته. وقال: “لا أحد يسأل عنها إلى يومنا هذا”، مشيرًا إلى أن أقصى ما يمكنه فعله هو عدم السؤال مرة أخرى.

وأشار إلى أن إنتاج المحجر يتراوح بين 80 ألفاً إلى 120 ألف طوبة يومياً، ويعمل فيه نحو 17 عاملاً. ويبلغ متوسط سعر الطوبة جنيهًا واحدًا أو أكثر حسب حجمها، مما يعني أن الدخل اليومي لكل مقلع لا يمكن أن يقل عن 80 ألف جنيه.

وأشار إلى أن كابلات الكهرباء الخاصة بآلات المحجر تكون في كثير من الأحيان مكشوفة وتعرض حياة العمال للخطر بسبب وجود ذرات الغبار من مسحوق تقطيع البلوك، وأن أصحاب المحجر يواصلون تهديد العمال مرددين لهم عبارة: “سوف تعمل ولا تذهب وسنحضر شخصًا آخر”، ثم يحدث شيء ما. ويحتار العامل بين العودة إلى منزله دون طعام لأسرته أو الاستمرار في العمل لإعالة أطفاله، ومن ثم في أغلب الأحيان يختار البقاء في العمل ليكسب لقمة عيشه لمواجهة ضغوط الحياة ويؤكد أن عمال المحاجر جميع الأعمار، بما في ذلك الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 55 عامًا.

وقال حسن سمارة، رئيس النقابة العامة لعمال المحاجر والمناجم، إن العمال غير المنتظمين هم الفئة الأكثر تضررا، حيث لا يوجد لديهم تأمين اجتماعي أو صحي قبل أو بعد بلوغهم سن التقاعد.

وأضاف “سمارة”: “نظم القانون رقم 27 لسنة 1981 بشأن العاملين في المحاجر سن التقاعد للعاملين في المحاجر والمناجم وحدده لمن يقوم بأعمال مباشرة “صعبة” في المحاجر والمناجم في القطاع العام أو الخاص، شركات ومرافق راسخة عمرها 55 عامًا تشمل أعمال الإنتاج المباشر في المناجم والمحاجر المكشوفة بالإضافة إلى مقدمي خدمات الإنتاج والصيانة في المناجم والمحاجر وأحواض الملح.

وشدد على أن عمال المحاجر غير المنتظمين هم أول من يتم الاهتمام بهم ويجب النظر إليهم بعين الرأفة، خاصة أنهم لا يملكون تأمينا على الحياة، وفي المقابل هم عمال “يوم يوم ويوم إجازة” في الشركة. المحاجر، حيث يجوز لهم الحصول على علاوة الصحراء وبدل الإقامة وبدل راتب ثابت وغطاء تأميني ومعاشات تقاعدية.

وأشار إلى أن العمالة في القاهرة تختلف تماما عن العمالة في المناطق النائية، خاصة أن الأجر اليومي للعاملين في محاجر ومصانع القاهرة قد يكون أعلى، نظرا لارتفاع حجم الإنتاج والدخل لدى المنشآت وهي الفئة الأكثر ضعفا وحاجة اجتماعية واقتصادية. التأمين الصحي.

وأكد أن عدد العمال المسجلين لدى النقابة العامة لعمال المحاجر والمناجم يبلغ 12.5 ألف عضو، فيما يوجد بين العمال غير المنتظمين ما بين 150 إلى 200 ألف عامل حياتهم بيد الله وربما لا يجدونهم. مستوى الاهتمام والرعاية بالعاملين في المؤسسات والمنشآت وهو أمر مطلوب… لأن المسؤولين ينظرون إليهم ولا شك أن وزارة العمل بدأت باتخاذ خطوات جادة لمساعدة أصحاب العمالة غير النظامية على توفير الخدمات الاجتماعية الحماية للموظفين.

وسبق أن أوصت لجنة الصناعة بمجلس النواب برئاسة النائب محمد مصطفى السلاب، بالتواصل مع وزارتي العمل والقطاع الاقتصادي العام للرد على طلب الوكالة الوطنية للضمان الاجتماعي بشأن تغيير المعاشات، وذلك خلال الاجتماع اللجنة خلال مناقشة الاقتراح الإحاطة الذي تقدم به النائب محمد جبريل حول الضرر الذي لحق بآلاف العاملين في قطاع التعدين والمحاجر من جراء تحديد سن التقاعد.

وأوضح غابرييل أن عدداً كبيراً من عمال المحاجر أصيبوا بمرض التعظم الرئوي أو ضعف السمع بسبب تقاعدهم في سن 55 عاماً، على الرغم من أن سن التقاعد المعتاد هو 60 عاماً: “مع إدخال المعدات والآلات الحديثة، أصبح هناك وأوضح أن هناك إصابات كثيرة تتطلب التقاعد في سن الخامسة والخمسين، موضحا أن هناك العديد من مواقع العمل في المحاجر والعمال الذين لا تتأثر صحتهم في العمل حتى التقاعد. ويطالبون بتغيير القانون والاشتراط على التقاعد عند سن الستين.

من جانبه، أكد رئيس هيئة الثروة المعدنية أن القانون يلزم الأشخاص بالتقاعد بعد سن الخمسين عند القيام بالأعمال الصعبة، وتدخل النائب محمد مصطفى السلاب وتساءل: “هل يجب إنهاء خدمة العامل أو نقله؟ “وظيفة إدارية أخرى؟”

وأوضح ممثل الوكالة الوطنية للضمان الاجتماعي أن قرار مجلس الوزراء نص على أن يكون سن التقاعد للمهن الصعبة والخطرة 55 عاما، قائلا: “ليس لدينا مشكلة حتى لو كانت هناك مدة 15 عاما”. وطلب وكيل التأمين موافقة وزارة العمل والجهات ذات العلاقة، قائلاً: «لقد تواصلنا مع وزارة العمل أكثر من مرة، آخرها في أغسطس من العام الماضي، ولم يتم الرد».

 


شارك