ماذا يريد نتنياهو ؟!

منذ 14 أيام
ماذا يريد نتنياهو ؟!

ولا تزال الولايات المتحدة تلاحق رئيس الوزراء الإسرائيلي للضغط عليه من أجل التوصل إلى خطة لوقف إطلاق النار في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى إنهاء قضية غزة قبل الانتخابات المتوقعة في نوفمبر.

وفي 3 سبتمبر نقلت صحيفة (يسرائيل هيوم) عن مسؤولين إسرائيليين قولهم: “من المقدر أن يتم تقديم الاقتراح الأمريكي النهائي لوقف إطلاق النار وإبرام اتفاق التبادل إلى الأطراف المعنية نهاية الأسبوع المقبل”.

ومما عزز النوايا الأميركية لإغلاق ملف غزة، تصريحات البيت الأبيض في الثاني من سبتمبر/أيلول الماضي، عندما أكد أنه يعمل على مدار الساعة لتحقيق وقف إطلاق النار والحفاظ على التواصل المستمر مع إسرائيل.

في المقابل، يريد نتنياهو خلق ظروف جديدة لعملية تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار من خلال زيادة التواجد العسكري الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، وهي لعبة جديدة من ألاعيبه المكشوفة لإطالة أمد الحرب وتصدير الأزمة باتهامات باطلة. ضد القاهرة من الجانب المصري. وتشمل هذه الاتهامات مزاعم عن تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة.

وأثار انتماء نتنياهو لمحور فيلادلفيا سيلا من الانتقادات ضده، خاصة من السياسي الإسرائيلي بيني غانتس (الوزير المستقيل من مجلس الحرب)، الذي اتهم نتنياهو بشكل واضح بعرقلة اتفاقيات تبادل الأسرى بشكل ممنهج وصعد هجومه على الحكومة الإسرائيلية الحالية قائلا: : “لقد حان الوقت لإجراء انتخابات وتشكيل حكومة وطنية تعكس تنوع المجتمع الإسرائيلي بأكمله”.

وأضاف أن محور فيلادلفيا لا يشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل كما يدعي نتنياهو، وأكد أن الجيش الإسرائيلي يستطيع الانسحاب منه والعودة إليه متى شاء.

وذهب نتنياهو إلى أبعد من ذلك بتصعيد الوضع في الضفة الغربية المحتلة لتجنب أزمات جديدة. وهذا يعني أن هذا الرجل يريد أن يقود إسرائيل إلى حافة البركان، وأن يجعلها، بطرق عديدة، رهينة لسياساته الأنانية والشخصية.

وعلى الرغم من الحملة السياسية والإعلامية والضغوط التي يمارسها الرأي العام الإسرائيلي على نتنياهو للتفاوض على صفقة الرهائن مع الفصائل الفلسطينية، إلا أنه لا يزال يناضل على الجبهة السياسية الإسرائيلية ويرفض جميع المقترحات الخاصة بهذه الصفقة.

وفي هذا المنعطف الحرج الذي تمر به الولايات المتحدة، يدرك نتنياهو أنه لا توجد حكومة قوية وموحدة مستعدة لتحمل المزيد من الضغوط أكثر مما يقوله البيت الأبيض. فأميركا اليوم تحكمها الحسابات الانتخابية. فهو، سواء على الجانب الجمهوري أو الديمقراطي، يستغل هذا الوضع الأميركي الهش ويرفع سقف المطالب والذرائع، وهو الرجل الذي بحكم خبرته وتاريخه الطويل في الحكومة يعرف بالضبط كيف يتعامل مع الأميركيين. الحكومات.

فما هي مشكلة نتنياهو وماذا يريد؟

في الحرب لا يمكنك الفوز بكل شيء، ولا يمكنك الفوز بشكل مطلق، وبحسب الخبير الاستراتيجي الألماني الشهير كلاوزفيتز فإن «الحرب هي، بشكل أو بآخر، امتداد للسياسة». إن القول بأن الحرب لا يمكن كسبها إلا من خلال الحرب والعنف، هي قاعدة أثبتت فشلها في الصراع العربي الإسرائيلي منذ عام 1948.

أبرم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بن غوريون اتفاقية سلام مع مصر (كامب ديفيد) رغم الحروب الطويلة بين البلدين، وفي الواقع اتفاقية السلام صامدة حتى يومنا هذا منذ عام 1978، كما انضم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين إلى اتفاق أوسلو. اتفاق الراحل ياسر عام 1993. ولو لم تقم الحكومات المتعاقبة بتخريب هذا الاتفاق وتقويض مسار الاتفاق السياسي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لكان حتى أرييل شارون، أبرز المتطرفين في الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، قد نفذ اتفاق الانسحاب من غزة عام 2005.

كل هذه التحركات كانت سياسية في نهاية المطاف ومثلت انتصارا جزئيا لإسرائيل في الميزان السياسي، لكن مشكلة نتنياهو هي أنه لا يريد اللجوء إلى الوسائل السياسية ويعتقد أنه قادر على إخضاع الجميع، بما في ذلك الولايات المتحدة والولايات المتحدة. الفلسطينيون أهواؤه وأطماعه في تدمير حل الدولتين، لكنه في النهاية لا يمكن تحقيقه عبر العناد السياسي وتناقض مسار التاريخ الذي يقول إن الحلول السياسية هي الحلول الأكثر فعالية.

ومن رماد الحرب يمكن أن ينبثق السلام، أو على الأقل اتفاقات ومعتقدات حول حجم وقدرات كل طرف، كما حدث بين سوريا وإسرائيل بعد حرب 1973. ورغم عدم وجود اتفاق سلام بينهما إلا أن هناك اتفاق واعتقاد واحد واضح وهو أن استمرار الحروب… لن ينجح ولن يغير واقع التاريخ والجغرافيا، وهذه هي النتيجة الطبيعية لكل الحروب، ولكن والأخطر هو تضييع الفرص وشن حروب متواصلة، ولعل هذه هي خطة نتنياهو الذي يريد أن يجعل من العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية شعار الحرب، وهو يفعل بالفعل كل ما في وسعه لتحقيق ذلك.

أسوأ السياسيين هم أولئك الذين يعاندون التاريخ ويتجاهلون دروسه، أي أعظم درس في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ 76 عاماً؛ أي أنه منذ النكبة أصبح إلغاء عقوبة الإعدام قضية مستحيلة في السياسة الدولية، وهذا هو سبب استمرار الصراعات والحروب في فلسطين بسبب أيديولوجيات حكام إسرائيل.


شارك