تقنية التصوير الفلكي.. مركز الفلك يجدد تأكيد صعوبة رؤية هلال شوال غدا

ولتوضيح الجدل الدائر حول إمكانية رؤية هلال شوال غداً السبت 29 من الأردن باستخدام تقنية التصوير الفلكي، تجدر الإشارة إلى أن هذه التقنية هي تقنية حديثة لرصد الهلال. وقد تم عرضه لأول مرة في مؤتمر فلكي عام 2006، حضره عدد كبير من علماء الفلك من مختلف دول العالم، بما في ذلك العديد من الأردن. في هذا المؤتمر، قدمت شركة ألمانية هذه التكنولوجيا وكيفية عملها. وفي عام 2010، تم تقديمه مرة أخرى في مؤتمر فلكي دولي آخر، حيث قدمه خبير من ألمانيا، وكيف يمكن استخدامه بتكلفة أقل من المؤتمر الأول.
ولمواكبة هذه التقنية، سافر المركز الفلكي الدولي والجمعية الفلكية الأردنية إلى ميونيخ في عام 2008 لزيارة أحد المراصد الفلكية في ألمانيا وتلقي التدريب على هذه التقنية (صورة رقم 1). وبعد التدريب على هذه التقنية، أجرى مركز الفلك الدولي، بالتعاون مع الجمعية الفلكية الأردنية، أول رصد لهذه التقنية من العالم الإسلامي في الأردن في 19 سبتمبر/أيلول 2009.
وتمكن فريق الرصد من تصوير الهلال، إلا أن الصورة لم تكن واضحة تماماً بسبب عدم ملائمة المعدات لهذه التقنية. يمكنكم مشاهدة تفاصيل الصورة والرصد عبر الرابط التالي (https://astronomycenter.net/articles/2009/09/19/2).
التصوير الفلكي للهلال أثناء اقترابه من الشمس يختلف عن أنواع المراقبة الأخرى. يتطلب ظروفًا ومعدات خاصة. على عكس ما قد تعتقد، فإن التلسكوب الكبير قد يؤدي إلى نتائج غير منتجة. لذلك لا ينصح مطلقا بمراقبة الهلال بالتلسكوب الكبير أثناء اقترابه من الشمس.
في الواقع، أثناء المراقبة، نقوم غالبًا بتقليل قطر التلسكوب لتحسين الرؤية عن طريق تثبيت حامل ميداني مصغر أمام التلسكوب.
وتشمل معدات المراقبة أيضًا الأدوات الفلكية التي لا تستخدم في عمليات المراقبة الأخرى، بما في ذلك المظلة الشمسية. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تلبي مواصفات الكاميرا المستخدمة شروطًا معينة، ويتم إجراء معالجة الصور باستخدام برامج فلكية تم تطويرها خصيصًا لهذا الغرض.
وفي يوليو 2010، قام مركز الفلك الدولي بتطوير معداته وحصل على أول جهاز في العالم الإسلامي لرصد الهلال باستخدام تقنية التصوير الفلكي. تم تصوير الهلال بنجاح في 12 يوليو 2010 (الصورة رقم 2). ومنذ ذلك الحين يقوم مركز الفلك الدولي برصد وتصوير الهلال باستخدام تقنيات التصوير الفلكي ونشر النتائج والصور على موقع مشروع رؤية الهلال الإسلامي. ويمكن لأي شخص مهتم زيارة الموقع والاطلاع على نتائج الدراسات التي أجريت باستخدام هذه التقنية على مدى أكثر من 15 عامًا.
وفي السنوات الأخيرة، زاد الاهتمام باستخدام هذه التقنية لرصد الهلال، ويقوم العديد من المهتمين أيضًا بإرسال نتائجهم إلى موقع مشروع رؤية الهلال الإسلامي. ونتيجة لذلك، أتاحت هذه التكنولوجيا، على مدى الخمسة عشر عاماً الماضية، تجميع قاعدة بيانات ضخمة من مشاهدات الهلال، والتي تم استخدامها لتحديد الحد الأدنى الذي يصبح فيه الهلال مرئياً. وبعد مراجعة أكثر من 300 عملية رصد هلال باستخدام هذه التقنية من قبل راصدين في مختلف دول العالم، تبين أن رصد الهلال يصبح صعباً جداً عندما تكون مسافة القمر عن الشمس أقل من 5 درجات، بينما يصبح تحدياً عندما تكون المسافة 4.5 درجة. عند القيم المنخفضة، لا يظهر الهلال على شكل هلال، بل كخط صغير أقرب إلى نقطة ويصعب رؤيته. أصغر استطالة للقمر تم رصدها باستخدام هذه التقنية كانت 3.4 درجة (صورة رقم (3)). وهذا يوضح مدى صعوبة رؤيته بوجود علامة حوله وكيف يظهر كنقطة. الطريقة الوحيدة لمعرفة الفرق هي الاستمرار في المشاهدة لعدة دقائق والنظر إلى شاشة الكمبيوتر ورؤية كيف ينمو هذا الخط الصغير بمرور الوقت ويبدأ في تشكيل الهلال! ومن الجدير بالذكر أن هذه القاعدة البيانات لا تشمل فقط مشاهدات المركز الفلكي الدولي، بل تشمل جميع المشاهدات العالمية باستخدام هذه الطريقة، سواء من قبل المركز أو من قبل المراقبين المحترفين في أوروبا وأمريكا وباستخدام التلسكوبات الصغيرة أو الكبيرة.
وبما أن مسافة القمر عن الشمس يوم السبت هي 1.5 درجة فقط في شرق الوطن العربي و3 درجات تقريباً في غرب الوطن العربي، فهذا يعني أنه لن يكون بالإمكان رؤية الهلال من الوطن العربي غداً باستخدام هذه التقنية. وحتى لو افترضنا إمكانية رؤيته بهذه الطريقة، فإنها لا تعتبر صالحة في معظم العالم الإسلامي لأنها تعتمد على مهارات عالية وتتضمن جمع الصور وتكديسها فوق بعضها ومعالجة الصور، مما قد يدفع الكثيرين إلى رفض الهلال الناتج والاكتفاء بمراقبته بالعين المجردة أو بالتلسكوب العادي. ويتفق علماء الفلك على أنه باستخدام هذه الطرق فإن الهلال لن يكون مرئياً في كافة أنحاء العالم العربي والإسلامي غداً السبت.
ومن الجدير بالذكر أن معايير رؤية الهلال مثل دنجون وإلياس ويعلوب وعودة لا علاقة لها بتكنولوجيا التصوير الفلكي! هذه هي المعايير التي تحسب بها إمكانية رؤية الهلال بعد غروب الشمس بالعين المجردة أو بالتلسكوب العادي. بالنسبة للتصوير الفلكي، كما ذكرنا سابقًا، يكفي أن نأخذ في الاعتبار مسافة القمر عن الشمس. على مسافة أقل من 4.5 درجة، فإنه من غير الممكن عمومًا رؤية الهلال باستخدام هذه التقنية إلا إذا سادت ظروف جوية صافية بشكل استثنائي. وفي هذه الحالة قد يكون من الممكن تصويره إذا كانت المسافة أكبر من حوالي 3.4 درجة. ولإثبات العكس، لا بد من تقديم ملاحظات كان الهلال فيها مرئيًا عند قيم أقل. القيم المذكورة هي نتائج تراكمية لملاحظات العلماء والخبراء الذين استخدموا هذه التقنية فعليًا لسنوات عديدة وجرّبوا أجهزة ومعدات وتقنيات مختلفة.
وبفضل الله أصبح مركز الفلك الدولي مرجعاً في استخدام هذه التقنية في العالم العربي والإسلامي. وفي السنوات الأخيرة، نظمت الشركة ورش عمل تدريبية للوفود الرسمية في عدة دول عربية لتدريب المراقبين على استخدام هذه التقنية.