ميكروبيوم الفم.. ما الدور الذي يلعبه لدعم مناعة أطفالنا؟

من المعروف أن الميكروبيوم عبارة عن مجموعة من الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش بشكل طبيعي في أجهزة الجسم المختلفة، وخاصة في الأمعاء، وتساهم بشكل كبير في تقوية مناعة جسم الإنسان: الميكروبات الحميدة والصديقة للإنسان، بما في ذلك البكتيريا والفطريات والفيروسات و الأوليات .دراسة حديثة نشرت في مجلة: Journal Frontiers in Microbiologyوتحدثت عن صحة الفم عند الأطفال وأوضحت أن الحفاظ على صحة جيدة للميكروبيوم الفموي من خلال عوامل مختلفة يؤدي إلى تقوية مناعة الأطفال ضد العديد من الأمراض والالتهابات المعوية.قد لا يتمتع مصطلح “الميكروبيوم الفموي” بنفس الشهرة التي يتمتع بها ميكروبيوم الأمعاء الذي أصبح دوره في حياة الإنسان واضحا ومعروفا ويمكن الاعتماد عليه في العديد من الملاحظات الصحية لتقوية مناعة الإنسان وتحسين عملية الهضم وغيرها من امتصاص الطعام. بل وإنتاج بعض الفيتامينات المهمة مثل فيتامين ك ودوره في تخثر الدم ووقف النزيف.إن قلة الدراسات التي أجريت على الميكروبيوم الفموي كان السبب في عدم التعرف عليه حتى بدأ الاهتمام به ودوره المهم في حماية تجويف الفم بسبب انتشاره على شكل تراكمات من الكائنات الحية الدقيقة في الفم بما في ذلك اللسان وتشكل هذه التراكمات من البكتيريا والفطريات، على وجه الخصوص، وسائل الدفاع الأساسية للطفل ضد مختلف أنواع الالتهابات التي يتعرض لها.كلما قل عددها وتنوعها، زاد خطر الإصابة بالأمراض المختلفة، بما في ذلك تسوس الأسنان والتهاب اللثة وحتى الأمراض العامة الأخرى التي تؤثر، على سبيل المثال، على أجهزة الجسم المختلفة مثل الجهاز الهضمي والمفاصل.على الرغم من أن مجموعات الميكروبيوم تظهر في وقت مبكر جدًا في تجويف الفم للجنين، إلا أنها لا تبدأ في التشكل بعد الولادة حتى وقت متأخر من مرحلة الطفولة حيث يعتاد الرضيع على الطعام بعد الفطام. يبدأ الميكروبيوم الفموي في الاستقرار بعد السنة الرابعة من عمر الطفل ثم ينمو بشكل مشابه للبالغين على مر السنين.ويؤثر نوع الرضاعة بشكل أو بآخر على تركيبة الميكروبيوم عند الأطفال، حيث أنه يكاد يكون مطابقاً لميكروبيوم الأم ووجود الأجسام المضادة التي تحارب تسوس الأسنان.يوفر حليب الثدي شكلاً من أشكال الحماية للأطفال لأنه يحتوي على بروتينات معينة مضادة للبكتيريا مثل اللاكتوفيرين والأمينوجلوبولين أ.كلما طالت فترة الرضاعة الطبيعية، أصبحت المناعة أقوى وأطول ضد العديد من أنواع العدوى التي تصيب الأطفال الذين يرضعون من الزجاجة.وبعد مرور الستة أشهر الأولى وبدء ظهور الأسنان، يصبح من الواضح مدى أهمية الميكروبيوم في الدفاع ضد أنواع الالتهابات التي قد يتعرض لها الطفل.إذا كان من الضروري استخدام المضادات الحيوية عند الطفل، فيجب الحذر واختيار المضادات الحيوية الأكثر فعالية والأقل ضرراً، حيث أنه من المعروف أنها تؤثر بلا شك قبل كل شيء على ما يسمى بالمضادات الحيوية واسعة الطيف، مثل الأموكسيسيلين لجميع أنواع البكتيريا. المفيدة والضارة على حد سواء، وقد يستغرق الأمر أكثر من ثلاثة أسابيع حتى تستعيد البكتيريا النافعة حيويتها وتبدأ في التكاثر والعمل بفعالية.يتغير المظهر النهائي للميكروبيوم الفموي لدى الطفل بسبب التغيرات التي تحدث نتيجة للنمو الطبيعي، خاصة عندما يفقد الطفل أسنانه اللبنية ويبدأ في نمو أسنانه الدائمة.يؤثر حليب الثدي والرضاعة الطبيعية على تكوين الميكروبيوم الصحي للفم، مما يساهم بشكل كبير في دعم مناعة الأطفال الطبيعية، حيث أن الرضاعة الطبيعية غالباً ما تنقل البكتيريا من حليب الثدي إلى الطفل خلال الحياة المبكرة. ويبدو أن جودة الميكروبيوم متطابقة لدى الأم والطفل.ويشار أيضًا إلى أنه كلما استمرت الرضاعة الطبيعية بحليب الثدي لفترة أطول، قل وجود كائن حي دقيق معين في الفم: البورفيوموناس، الذي يسبب التهاب اللثة وفقدان الأسنان، خاصة قبل فترة الفطام، والتي تبدو في غاية الأهمية لهذه الفترة والفترة. التغير في أنواع الطعام المختلفة يتغير، كما تتغير أنواع الميكروبات تبعاً للبيئة الجديدة التي توفرها ملونات الطعام غير حليب الأم.وفي النهاية أوصت هذه الدراسة المهمة بضرورة الاهتمام بالميكروبيوم الفموي عند حديثي الولادة والرضع والأطفال من خلال دراسات أكثر شمولاً، بالإضافة إلى ضرورة الاهتمام بمعرفة العوامل التي تؤثر على تركيبته الظاهرية ذات الأهمية الكبيرة في مجال الوقاية من الأمراض التي يمكن أن تشكل خطراً على النمو والحياة بشكل عام.