تشكيل حكومة حميدتي في دارفور يشير إلى بداية التقسيم الفعلي للسودان

منذ 2 ساعات
تشكيل حكومة حميدتي في دارفور يشير إلى بداية التقسيم الفعلي للسودان

دخل السودان في مرحلة خطيرة تهدد وحدته كدولة. واختبر في يوليو الماضي حدثين بارزين، كل منهما يمثل تحديًا لوحدة البلاد. ومن أبرز تلك الأحداث، كان اجتماع اللجنة الرباعية في واشنطن الذي انعقد منتصف الشهر، والذي فشل في تحقيق أي تقدم نحو إنهاء الصراع. إلى جانب ذلك، تم الإعلان أيضًا عن تشكيل حكومة جديدة في مدينة نيالا بإقليم دارفور تابعة لتحالف تأسيس الذي يرأسه محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي. وبالتالي، أصبح هناك حكومتان في البلاد: الأولى في الخرطوم برئاسة الدكتور كامل إدريس ضمن مجلس السيادة برئاسة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، والأخرى في نيالا برئاسة محمد حسن التعايشي ضمن مجلس سيادة جديد يتكون من 15 عضوًا يرأسه حميدتي.

فشل الرباعية

عقدت الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات اجتماعًا في إطار الوساطة الرباعية بهدف الوصول إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الأزمة السودانية، لكن الخلافات بين الأطراف أدت إلى عدم تحقيق أي نتائج أو إصدار بيان موحد. كان الخلاف الرئيسي حول شرعية الدولة السودانية وجيشها ومؤسساتها. اعتمدت مصر موقفًا قويًا في دعم الشرعية وضرورة إشراك الجيش السوداني ومجلس السيادة في المفاوضات، وكانت السعودية تساندها في ذلك. من جهة أخرى، أيدت أمريكا والإمارات إشراك الدعم السريع ومنحه شرعية، وهو ما اعترضت عليه مصر باعتباره ميليشيا متمردة. وبالتالي، أصبح هذا الاتجاه تهديدًا لمنح الشرعية لجميع الحركات المسلحة في إفريقيا، مما يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي الذي يحافظ على سيادة الدول.

يلاحظ المراقبون أن إصرار أمريكا على استبعاد الجيش السوداني من جولة المفاوضات يشير إلى هدفين رئيسيين.

الهدف الأول هو إضعاف الجيش السوداني، الذي يعد الدعامة الأساسية للحفاظ على وحدة الدولة وسيادتها السياسية، مما يعني استمرار استهداف الشرعية في البلاد. بينما الهدف الثاني يتعلق بتفكيك مؤسسات الدولة، مما يمهد لفوضى تعم البلاد وتتركها عرضة لمطامع الاستعمار الجديد.

رغم نجاح مصر في إحباط المؤامرة التي استهدفت الشرعية خلال الاجتماع الرباعي، إلا أن خطة تقسيم السودان ظلت قائمة. وقد أشار حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، إلى أنه تلقى اتصالًا من مسؤول رفيع في دولة عظمى بعد تمرد حميدتي في أغسطس 2023، يستطلع فيه رأيه حول تشكيل ثلاث حكومات في السودان، حيث كانت تلك الخطوة بداية عملية التقسيم. وقد طلب السفير موافقة مناوي على تقسيم السودان إلى ثلاث دول تحت دعوى أنه الحاكم الفعلي في دارفور.

يبدو أن هذا الاقتراح يتضمن وجود حكومة في دارفور تتضمن مناوي، وأخرى في جنوب وغرب كردفان برئاسة عبد العزيز الحلو، وثالثة في الوسط والشمال بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان. ورغم عدم كشف مناوي عن الدولة العظمى، تشير الدلائل إلى أن الولايات المتحدة هي التي اقترحت التقسيم.

شبح الانفصال

تتوالى التحذيرات المحلية والدولية من احتمال تكرار انفصال الجنوب السوداني عن الوطن الأم، حيث أعرب العديد من الخبراء عن مخاوفهم بشأن انفصال محتمل في إقليمي دارفور وجنوب وغرب كردفان. وفي هذا الإطار، نشرت وكالة رويترز تحذيرًا يفيد بأن تشكيل حكومة موازية في دارفور يعزز فكرة الانقسام الفعلي، مشابهًا لتقسيم جنوب السودان في عام 2011. كما أشارت إلى أن القوات الحكومية تسيطر على الشمال والوسط والشرق، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على دارفور وأجزاء من كردفان، مما يفتح المجال لتحولات جيوسياسية خطيرة.

بهذه الطريقة، يبدو أن خطة تقسيم السودان تتحرك بسرعة وبشكل علني. فقد يفرض الإعلان عن تشكيل حكومة حميدتي واقعًا جديدًا يمكن من خلاله الاعتراف بتلك الحكومة ودعمها عسكريًا وماليًا، مما يضمن لها البقاء كقوة رئيسية في بقية السودان. خاصة مع سيطرة الدعم السريع على مناجم الذهب والثروة الحيوانية في دارفور، إضافة إلى المعادن الاستراتيجية التي تعتبر مطمعًا للدول الكبرى. كل ذلك يدعم تشكيل دولة انفصالية في دارفور، مما يعرض السودان ودول الجوار لضغوط الاستعمار الجديد.


شارك