المفتي يؤكد: الذكاء الاصطناعي هو امتداد للعقل البشري ويشكل الأساس لاستشراف المستقبل!

منذ 8 ساعات
المفتي يؤكد: الذكاء الاصطناعي هو امتداد للعقل البشري ويشكل الأساس لاستشراف المستقبل!

قال فضيلة الدكتور نذير محمد عياد، مفتي الديار المصرية ورئيس الأمانة العامة لهيئات ومؤسسات الإفتاء في العالم، إن الله تعالى خلق الإنسان ووهبه العقل، ومن هذه القدرة الفريدة انبثقت العلوم، وتطورت الصناعات والفنون، وتقدمت البشرية على درب التقدم حتى وصلنا إلى عصر تحاكي فيه التكنولوجيا الإدراك البشري، وتحلل، وتتخذ قرارات معقدة. وأضاف أن الذكاء الاصطناعي ليس كيانًا مستقلًا، بل هو امتداد للعقل البشري، ومن الطبيعي أن يُسخّر هذا الإنجاز العلمي لخدمة البشرية في إطار من القيم والضوابط.

جاء ذلك خلال كلمته في المؤتمر الخامس لكلية الفلسفة بجامعة المنصورة بعنوان: “الذكاء الاصطناعي: أسسه المنطقية وأبعاده المستقبلية”.

أكد سماحة المفتي أن الإسلام قد رفع شأن العقل وجعله أساس المسؤولية والشرف، وأن الشريعة الإسلامية لا تتعارض مع الفطرة السليمة، بل تُنيرها وتُرشدها. وأشار إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تعتمد على المنطق الرياضي، والتعلم الإحصائي، ونماذج المعرفة. هذه الأدوات تُجسد العقل البشري في أدق صوره، مُنشئةً أنظمةً قادرة على التعلم والفهم والتحليل والتشخيص. وأكد أن الحديث عن الذكاء الاصطناعي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمستقبل من منظورين: الأول: الأمل في نفع البشرية.

وأضاف أن هذه التقنيات قادرة على تحسين حياتنا بشكل ملحوظ. أما الجانب الثاني، فهو الحذر من التهديدات والتحديات المرتبطة بها. فرغم مزايا الذكاء الاصطناعي، إلا أنه ينطوي على مخاطر أخلاقية ومعرفية جسيمة، إذ تعكس قرارات الآلات في مختلف المجالات تحيزات بشرية.

أكد سماحة المفتي أن هذه التهديدات بالغة الخطورة عند استخدام الذكاء الاصطناعي للقتل، كما حدث في العدوان على قطاع غزة، حيث استُخدمت هذه التقنية لتحليل الصور، والتنبؤ بالحركة، وتحديد المواقع المستهدفة للمناطق السكنية، مما أسفر عن سقوط آلاف الضحايا. وأضاف أن هذا يُبرز الحاجة إلى ميثاق أخلاقي وإنساني عالمي يُنظم استخدام الذكاء الاصطناعي، ليس من منظور السوق والربح، بل من منظور العدل والرحمة وحفظ الكرامة الإنسانية. وأوضح أن الإسلام قد سلك نهجًا وسطًا في التعامل مع هذه التقنيات، متوازنًا بين تعظيم العقل وتنظيمه بالوحي. وأكد أيضًا على أنه لا ينبغي الحكم على الذكاء الاصطناعي بذاته، بل بعواقب استخدامه، خيرًا كان أم شرًا.

ودعا سماحة مفتي الجمهورية إلى صياغة ميثاق أخلاقي عالمي يرتكز على القيم الإنسانية ومقاصد الشريعة الإسلامية، فضلاً عن تعزيز برامج حماية الأجيال القادمة من الانبهار الأعمى بالتكنولوجيا من خلال التنشئة التربوية والدينية التي تعلمهم أن التكنولوجيا وسيلة وليست غاية.

كما أكد سماحته على ضرورة الموازنة بين العقل والشرع. وأوضح أن دار الإفتاء المصرية، ممثلةً بأمانتها العامة، تتعامل مع واقع الذكاء الاصطناعي بوعي علمي سليم ومسؤولية دينية. وأشار إلى أن دار الإفتاء ستعقد مؤتمرها الدولي العاشر بعنوان “تطور المفتي الحكيم في عصر الذكاء الاصطناعي” يومي 12 و13 أغسطس/آب 2025، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي. ويهدف المؤتمر إلى ترسيخ دور المفتي المعاصر في التعامل مع النصوص والحقائق المتغيرة.

وأشار سماحة المفتي إلى أن هذا المؤتمر يأتي في وقته المناسب لقطع الطريق على من يريدون الحط من شأن سائر العلوم الفلسفية والمنطقية، وللتأكيد على العلاقة بين العلوم الفلسفية وسائر العلوم الإنسانية والتجريبية.

كما أوصى سماحته بأن تتضمن نتائج وتوصيات المؤتمر ضرورة الإبقاء على تدريس المواد الفلسفية والمنطقية باعتباره أداءً للواجب واعترافاً بالفضيلة.

وفي الختام، أكد سماحة المفتي أن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع إصدار الفتاوى بشكل مستقل، لعدم قدرته على فهم الفقه وروح المقاصد الإسلامية. وحثّ الشباب على التمييز بين أدوات المعرفة وأدوات الفتوى، إذ قد تُنتج برامج الذكاء الاصطناعي فتاوى باطلة تُؤدي إلى فوضى فكرية. وأشار إلى أن دار الإفتاء تُرحّب بالأفكار الخلاقة لتطوير خطاب فتوى يواكب التغيرات المجتمعية.

حضر المؤتمر نخبة من القيادات الأكاديمية وأعضاء هيئة التدريس بجامعة المنصورة يتقدمهم الأستاذ الدكتور شريف خاطر رئيس جامعة المنصورة والأستاذ الدكتور محمود الجعيدي عميد كلية الآداب والأستاذ الدكتور مسعود سلامة وكيل الكلية للدراسات العليا والبحوث.


شارك