محافظ البنك المركزي: الضغوط الاقتصادية العالمية تتواصل بسبب التوترات والحروب التجارية المتزايدة

أكد محافظ البنك المركزي، حسن عبد الله، على ضرورة تنسيق السياسات النقدية والمالية للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي في ظل الضغوط المستمرة على الاقتصاد العالمي نتيجة تصاعد التوترات الجيوسياسية والحروب التجارية. وشدد على أهمية ضبط توقعات التضخم وتحسين إدارة السيولة، مشيرًا إلى أن مرونة الاقتصاد الكلي ركيزة أساسية لأي عملية إصلاح فعّالة.
وأوضح البنك المركزي، السبت، أن ذلك جاء خلال قيادة عبد الله للوفد المصري إلى الاجتماع الثالث لوزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين لعام ٢٠٢٥، الذي استضافته جنوب أفريقيا. وضم الوفد كلاً من ياسر صبحي، نائب وزير المالية للسياسات المالية، ومنة الله فريد، نائبة محافظ البنك المركزي للعلاقات الخارجية، وعلاء عبد الرحمن، مستشار وزير المالية للمؤسسات الدولية.
دعا محافظ البنك المركزي إلى تعزيز كفاءة وفعالية المؤسسات المالية متعددة الأطراف، ودعم جهودها الرامية إلى استحداث آليات وأدوات مالية مبتكرة لتحفيز الاستثمار الخاص وتفعيل أدوات تخفيف المخاطر، بما في ذلك إعادة توجيه حقوق السحب الخاصة. كما أكد على أهمية الإصلاحات الشاملة للهيكل المالي العالمي، والحاجة إلى تمثيل أفريقي أكبر. ويُعد إنشاء إطار دقيق وشفاف للرصد والمتابعة خطوةً حاسمةً نحو تحقيق هذا الهدف المشترك وضمان استدامة نتائجه.
أشار عبد الله إلى المخاطر المتزايدة التي يشكلها النمو السريع للمؤسسات المالية غير المصرفية وقصور أطرها التنظيمية والإشرافية. وهذا يستدعي تعزيز التنسيق الدولي لضمان الاستقرار المالي العالمي. وأكد على أهمية تعزيز الحوار بين الدول الدائنة والمدينة، ووكالات التصنيف الائتماني، والمنظمات الدولية، لوضع استراتيجيات متكاملة لإدارة الديون. وشدد على ضرورة توسيع نطاق مبادرة الإطار المشترك لتشمل الدول متوسطة الدخل التي تواجه أوضاعًا مماثلة، مع تطوير آليات مبتكرة لخفض الديون وتحسين الاستدامة المالية.
في سياق متصل، دعا عبد الله إلى زيادة توافر التمويل المرن والمختلط للدول النامية، وشدد على أهمية وجود أطر وطنية تقودها الحكومات لربط الاستثمارات بأولويات التنمية. كما شدد على ضرورة توحيد التصنيفات البيئية وتطوير أدوات فعّالة لتقاسم المخاطر. وأشار إلى التحديات التي تواجه العديد من الدول النامية، بما في ذلك الضغوط التضخمية، ونقص أدوات التمويل الأخضر، وضعف تدفق مشاريع الاستثمار المستدامة.
لدعم جهود التنمية في القارة الأفريقية، أكد على ضرورة توسيع الأسواق المالية المحلية وتعزيز استخدام التقنيات الحديثة، وخاصة الذكاء الاصطناعي، لزيادة الإنتاجية وتحسين جودة الخدمات. كما أكد على أهمية توسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية، وخاصة المشاريع العابرة للحدود، لما لها من دور محوري في تعزيز التكامل الإقليمي.
من ناحية أخرى، أعرب عبد الله عن دعم مصر للبرنامج المقترح لتعزيز التعاون بين مجموعة العشرين والقارة الأفريقية في مجالات البنية التحتية والمناخ والابتكار التكنولوجي في الفترة 2026-2030.
واختتم المحافظ كلمته مؤكدًا على أن الشمول المالي ركيزة أساسية لنمو اقتصادي أكثر شمولًا وإنصافًا. ودعا إلى توسيع نطاق الخدمات غير المالية المتاحة للشركات الصغيرة والمتوسطة، وتبسيط عملية تحديد هوية العملاء، وتطوير قواعد بيانات دقيقة، وتطوير نماذج بديلة مبتكرة لتقييم الائتمان. وفي الوقت نفسه، يجب معالجة التحيز الرقمي والاستبعاد المحتمل من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي.
كما شارك ياسر صبحي نائب وزير المالية نيابة عن وزير المالية في عدة جلسات في إطار ذات الاجتماعات، وعلى وجه الخصوص جلسة تحسين التنسيق بين المجموعة ومبادرة “الشراكة مع أفريقيا” والتي تهدف إلى تسريع الإصلاحات الهيكلية وتعزيز مشاركة القطاع الخاص وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصادات الناشئة.
كما شارك في اجتماعات حول الاستثمار في البنية التحتية والضرائب الدولية، مؤكدًا على أهمية تعزيز القطاع الخاص. كما دعا مجموعة العشرين إلى إنشاء نظام ضريبي دولي عادل، يعكس التوازن بين الاقتصادات المتقدمة والناشئة، ويساهم في تحقيق العدالة الضريبية.
يُذكر أن منة الله فريد، نائبة المحافظ للعلاقات الخارجية، شاركت نيابةً عن نائب المحافظ في الاجتماع الرابع لمجموعة العشرين لنواب وزراء المالية ونواب محافظي البنوك المركزية. وتضمن الاجتماع جلسةً لعرض المحاور الرئيسية لفريق الخبراء الأفارقة لمجموعة العشرين، ومناقشة مختلف القطاعات الاقتصادية.
وأشادت بجهود الخبراء في تقديم الرؤى الأفريقية على المستوى الدولي، ورحبت بالتوصيات الرامية إلى توسيع نطاق الإطار المشترك، وتعبئة المزيد من أموال التنمية، وتعظيم استخدام الموارد الأفريقية، ومراجعة آليات تقييم الائتمان.
ودعت مجموعة العشرين إلى دمج هذه التوصيات في خطتها المالية لتحقيق نتائج ملموسة للقارة.
ومن المقرر عقد الاجتماع الخامس لنواب وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين في أكتوبر/تشرين الأول 2025، في حين من المقرر أن يعقد الاجتماع الرابع لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين في الشهر نفسه على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي في واشنطن العاصمة.