“الاتحاد قوة: الأوقاف تكشف موضوع خطبة الجمعة المقبلة”

اختارت وزارة الأوقاف موضوع “الوحدة قوة” لخطبة الجمعة المقبلة 18 يوليو 2025، وتهدف الخطبة إلى تعزيز قيم الوحدة والوئام بين المسلمين، والتحذير من مخاطر الفرقة والانقسام التي قد تؤدي إلى الضعف والتشرذم في المجتمع.
نص حول موضوع خطبة الجمعة
الحمد لله رب العالمين، نحمده بحمد الشاكرين، ونشكره بشكر الشاكرين.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير. قال تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا. وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا. وَإِذْ قَبْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا. كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٣].
وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه، وخليله. اللهم صلِّ عليه وسلم، وزده وبارك عليه، وعلى آله وصحبه كما يليق بجلاله وقدرته.
أيها المسلمون، لقد أكد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم منذ بدء الرسالة المحمدية وأرسى هذه القاعدة العظيمة: إن قوة كل أمة في وحدتها، وتماسك أبنائها، وانفصالها التام عن كل ما يفرقها، أو يهدم وحدتها، أو يضعف قوتها.
أيها المسلمون، من تدبر كتاب الله يجد في القرآن الكريم آيات كثيرة تدعونا إلى الوحدة وتجنب الفرقة والتشرذم اللذين يُضعفان الأمة. يقول الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا. وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا. وَإِذْ كُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا. كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ. سَتَهْتَدُونَ.) سورة آل عمران (103)، ويقول الله تعالى أيضًا: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ). سورة آل عمران (105).
وقال أيضاً: ((إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم شيئاً إنما همهم إلى الله ثم ينبئهم بأعمالهم)) سورة الأنعام (159)، وقال أيضاً: ((توبوا إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين (31) من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون)) سورة الروم (32)، وقال أيضاً: ((إن الله يحب الذين يقتلون في سبيله كثراً كأنهم مبنيون من حجر مصمت)).
أيها المسلمون، تأملوا الصورة النبيلة التي رسمها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، وكيف ينبغي أن يكون عليه أمته صلى الله عليه وسلم. ففي الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والسهر”. وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا”، وشبك بين أصابعه. إن شخص حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم تجسيدٌ لقمة العظمة. يريد أن يقدم لنا دليلًا واضحًا وبرهانًا يُعبّر عن وحدة الأمة، وإن سكتوا. على سبيل المثال، فإن مظهر الناس الذين يؤدون فريضة الحج هو ترجمة لـ “مثال حقيقي على وحدة الأمة: كلهم في مكان واحد، يدعون إلهًا واحدًا، يرتدون ثوبًا واحدًا، يغنون أغنية واحدة، والأرض تكاد ترتجف تحت أقدامهم من التضامن والوحدة”.
كذلك، فإن الصلاة من شعائر الله التي تُعبّر بوضوح عن وحدة الأمة. وقد روى الشيخان من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أَوْصِلُوا صَفْوَكُمْ أَوْ يُفَرِّقُ اللهُ بَيْنَكُمْ”. فعلينا أن نتحد ونتكاتف ونتعاون. وقد روى أبو داود وغيره بإسناد جيد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يحفظه من الضلال ويقيه من الخلف”.
أيها المسلمون! إن الشقاق والتناحر بين أبناء الأمة هو العدو الأعظم لها. صفاء الجو وصفاء الذهن ووحدة الصف هي صمام أمان الأمة. فانظروا إلى معلم الإنسانية صلى الله عليه وسلم. فمنذ اللحظة الأولى التي أقام فيها دولته في المدينة المنورة – رحمه الله – قبل أن يبني بيتًا واحدًا فيها، كان صلى الله عليه وسلم منشغلًا ببناء جسد الأمة وتوحيد صفوف المهاجرين والأنصار. وقد حقق الله له مراده بجمع شملهم، وتوحيد كلمتهم، وتوحيد صفوفهم. قال تعالى: ﴿وألف بين قلوبهم. لو أنفقت ما في الأرض جميعًا ما ألفت بين قلوبهم. ولكن الله ألف بينهم. إنه عزيز حكيم﴾ سورة الأنفال (63).
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، لا شك أن وحدتنا قوة، واختلافنا ضعف وذل وهزيمة. ولا شك أنه كلما اتحدنا في صفوفنا، ازداد خوف الأمم منا. ولكن عندما نختلف ونختلف فيما بيننا، نكون عرضة للهجوم من كل حدب وصوب، قريب وبعيد.
ولنأخذ مثالاً وعبرة من الرجل العربي الذي أراد أن يعلم أولاده درساً عملياً حين أراد أن يعلمهم أن القوة في الوحدة وأن الضعف في الفرقة والتفتت.
وفي ذلك الوقت أعطى لكل واحد من أبنائه عصا ليكسرها.
لقد كسروها بسهولة وبساطة.
ولكن عندما جمع بعضًا من العصي في حزمة وأعطاهم إياها،
لم يتمكنوا من كسرها.
رحم الله من قال:
جميعكم يا أبنائي، عندما تأتي الحاجة،
الخطب لا تفصلها منفردة
سبيرز يرفض الانهيار عندما يلتقيان
وعندما ينفصلان، فإنهما يتكسران إلى قطع منفصلة.
اللهم وحد صفوفنا ووحد كلمتنا واحفظ مصرنا من كل مكروه وسوء.