قائد قوات الدفاع الجوي يطمئن المواطنون: سماؤنا محمية بمنظومة دفاعية متطورة وآمنة

تنويع وتكامل الخطط لمواجهة التهديدات المعادية… ودمج الذكاء الاصطناعي لمواجهة تحديات الأجواء المفتوحة.
– التفوق الجوي والصاروخي والتكنولوجي بالإضافة إلى الردع المتقدم من خلال الدفاع متعدد الطبقات والأنظمة غير المتماثلة
إن الاستعداد القتالي يشكل ركيزة ثابتة لاستراتيجيتنا الدفاعية، ويتم إعطاء الأولوية للمقاتل الفرد من خلال تدابير إعادة التأهيل الشاملة.
– التدريب التكتيكي والتطوير التعليمي لرفع كفاءة المقاتلين… والتعاون العسكري مع الدول الصديقة والشقيقة.
وكان جدار الصواريخ قراراً شجاعاً، حيث قضت قواتنا المسلحة على أسطورة “الذراع الطويلة” لإسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول 1973.
أكد قائد قوات الدفاع الجوي، الفريق ياسر التودي، على القوة القتالية للقوات المسلحة وقدرتها على حماية أجواء البلاد بيقظة وكفاءة عالية، مدعومة بالعلم والتكنولوجيا والأنظمة الحديثة للرصد والاستجابة الفورية لأي تهديد. وبمناسبة الذكرى الخامسة والخمسين لتأسيس القوات المسلحة، أكد القائد التزام القوات المسلحة التام بالتطوير والتحديث للحفاظ على سيادة مصر وأمن الطيران.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده قائد القوات المسلحة بهذه المناسبة. وركز المؤتمر على بناء جدار الصواريخ على طول جبهة قناة السويس، وظهور “القوة الرابعة” في القوات المسلحة، ممثلةً بقوات الدفاع الجوي، التي كان لها دورٌ محوري في نصر أكتوبر ١٩٧٣.
المهارات المعقدة
وعن منظومة الدفاع الجوي المصرية التي تعد من أكثر المنظومة تعقيداً في العالم، قال قائد القوات المسلحة: “لدينا تنوع في المنظومات، خاصة بعد التطور الهائل في أساليب وأسلحة الهجوم الجوي الحديثة، والاستخدام الواسع للطائرات بدون طيار، والصواريخ المجنحة، والصواريخ الباليستية، مما أدى إلى تطوير منظومة دفاع جوي بقدرات متطورة”.
أكد القائد العام للقوات المسلحة على ضرورة مواكبة القدرات الدفاعية المصرية للتطورات التكنولوجية في مجال القتال الجوي الحديث. لذا، تتميز المنظومة بالتنوع والتعدد والتكامل، مما يضمن القوة والقدرة والمرونة. وتتكون من عناصر استطلاع وإنذار بالرادارات، بالإضافة إلى عناصر مراقبة جوية بصرية ترصد مختلف الهجمات الجوية وتنذر القوات المسلحة بها.
يتضمن النظام أيضًا عناصر صاروخية ومدفعية (MT) متفاوتة المدى لضمان الدفاع الجوي عن الأهداف الرئيسية والتشكيلات التكتيكية في جميع الاتجاهات الاستراتيجية. يتم التحكم في عناصر النظام من مراكز قيادة على مستويات مختلفة، بالتعاون الوثيق مع القوات الجوية والبحرية وأنظمة الحرب الإلكترونية. الهدف هو ممارسة ضغط مستمر على سلاح الجو المعادي، ومنعه من تنفيذ مهامه، وإلحاق أقصى الخسائر به.
وحول رد قوات الدفاع الجوي على التطور الهائل في أساليب جمع المعلومات الاستخبارية وتنوع مصادرها، بما في ذلك غياب الأسرار حول أنظمة الأسلحة، قال قائد قوات الدفاع الجوي: “في عصر السماوات المفتوحة أصبح العالم قرية صغيرة، وتعدد وسائل جمع المعلومات الاستخبارية، سواء عبر الأقمار الصناعية أو أنظمة الاستطلاع الإلكترونية المختلفة أو شبكات المعلومات الدولية”.
بالإضافة إلى وجود أنظمة حديثة قادرة على تحليل المعلومات بشكل فوري باستخدام الذكاء الاصطناعي وإتاحتها لأي شخص يحتاج إليها، فإننا مقتنعون بأن السر لا يكمن في الأنظمة الحديثة المتاحة لدينا، بل في القدرة على تطوير طريقة غير قياسية للتفكير في كيفية استخدامها، مما يسمح لها بأداء مهامها بكفاءة عالية.
التحديات الدولية
وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه منظومة الدفاع الجوي في ظل العمليات العسكرية الحديثة والتطور الملحوظ في أسلحة الهجوم الجوي وفكرها وأساليب نشرها، أشار قائد القوات المسلحة إلى أن العمليات العسكرية الأخيرة كشفت عن أولويات جديدة تُحدد النتائج، منها التفوق الجوي. ويتجلى ذلك في نشر طائرات مقاتلة حديثة مزودة بتقنيات التخفي، وأنظمة رادار متطورة، ونقاط تثبيت متعددة للذخائر الذكية عالية الدقة، التي يمكن إطلاقها عن بُعد واختراق التحصينات. وتغطي طائرات القيادة والحرب الإلكترونية مهامها القتالية، وترافقها طائرات التزويد بالوقود لتنفيذ عمليات جوية بأقصى حمولة من الأسلحة لمسافات طويلة دون الحاجة للعودة إلى قواعدها. بالإضافة إلى ذلك، هناك الاستخدام المكثف للطائرات بدون طيار متعددة المهام، مثل طائرات الاستطلاع والتمويه والتدمير والهجوم، والتي يتم إطلاقها بأعداد كبيرة لإرباك مراكز القيادة وتعطيل ذخائر الصواريخ.
يتجلى التفوق الصاروخي في توسع نطاق الضربات الصاروخية، سواء الباليستية أو المجنحة، التي تتميز بسرعات تفوق سرعة الصوت وقدرة عالية على المناورة، بالإضافة إلى قدرتها على إطلاق رؤوس حربية متعددة ضمن ما يسمى بنظام السرب. أما على صعيد التفوق التكنولوجي، فقد أدى دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمة القوات الجوية إلى قفزة هائلة في الدقة والقدرة على التهرب من مناطق الدفاع الجوي. علاوة على ذلك، قبل شن الضربات الجوية أو الصاروخية، تُشن هجمات إلكترونية على البنية التحتية وأنظمة المعلومات لشل وتعطيل أنظمة الاتصالات والمعلومات ومراكز القيادة والسيطرة. كما تُجرى عمليات نفسية باستخدام جميع الوسائل البصرية والصوتية، بالإضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي، للتأثير على معنويات القوات المسلحة والرأي العام والتماسك على الجبهة الداخلية.
كما يتم إثبات دقة أمن المعلومات من خلال مراقبة وتحديد مواقع الدفاع الجوي، وإعداد قائمة بالأهداف لبدء العمليات، ووضع العملاء في مواقع بعيدة في عمق المنطقة للتأثير على القواعد الجوية ومنشآت الدفاع الجوي، وتدريب أهداف الهجوم على الاستخدام الدقيق للذخائر الجوية.
لصد مختلف أنواع الهجمات الجوية والصاروخية وتأمين الأهداف الرئيسية، نستخدم الفضاء وشبكة الإنذار المبكر للكشف عن إطلاق الصواريخ الباليستية. كما نستخدم جميع وسائل الاستطلاع المتاحة، مثل أنظمة الإنذار الجوية والإنذار على متن الطائرات، بالإضافة إلى أنظمة الرادار الأرضية المختلفة، للكشف عن مختلف الهجمات الجوية. علاوة على ذلك، نعمل على بناء منظومة دفاع جوي متكاملة قائمة على مفهوم المستويات والمدى المتعدد، تتضمن وسائل متنوعة لمواجهة الهجمات الجوية، مثل الطائرات المقاتلة على خطوط الاعتراض، والمروحيات المسلحة، وأصول الدفاع الجوي البحري، وعناصر الحرب الإلكترونية، وأنظمة الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات متعددة المدى.
كما تُنشر مجموعة واسعة من الأنظمة غير القياسية لمواجهة الطائرات بدون طيار والذخائر الذكية، بما في ذلك أنظمة التشويش المتكاملة، وأنظمة التضليل، وأنظمة الليزر، والنبضات الكهرومغناطيسية عالية الطاقة. تُدار مكونات هذه الأنظمة من قِبل مراكز قيادة على مستويات مختلفة لجمع المعلومات وتصفيتها وتمييزها وتحليلها. يتيح ذلك تقييم مستوى تهديد الأهداف وتحديد الإجراءات المضادة الأنسب.
إعادة التأهيل الشامل
فيما يتعلق بالإعداد العلمي والبدني والنفسي لمقاتلي الدفاع الجوي، قال قائد القوات المسلحة: “تدرك قيادة قوات الدفاع الجوي أن الثروة الحقيقية تكمن في المقاتل الفرد، الذي يُعدّ حجر الزاوية في المنظومة القتالية لقوات الدفاع الجوي. ونعتزم تطوير مهارات وقدرات المقاتل الفرد بطريقتين: أولاً، من خلال إعادة بناء شخصيته، وثانياً، من خلال مواصلة تطوير عملية تعليمه وتدريبه. أما في المسار الأول، فقد بنينا البنية الفكرية للمقاتل الفرد، وأوجدنا ثقافة وعي لبناء شخصية تتميز بالأخلاق الحميدة، والتمسك بالقيم، والولاء والانتماء، وحب الوطن، وروح التضحية”.
ويتحقق ذلك من خلال برنامج توعوي يُعلّم ويُنمّي ويُعزّز الفهم الصحيح والعقلية الوسطية للأديان السماوية والقيم والمبادئ الأخلاقية، مما يحمي الفرد المقاتل ويُحصّنه ضد الحرب النفسية والأفكار المتطرفة والهدّامة، والتأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت. كما يُولى الاهتمام بالعوامل النفسية للمقاتل التي تؤثر على معنوياته، وتُوقظ روحه القتالية، وتقوده إلى النصر، وتمنحه القوة والقدرة على تجاوز الصعاب والعقبات.
فيما يتعلق بالأولوية الثانية، يجري العمل على وضع خطة شاملة لتطوير عملية التدريب في قوات الدفاع الجوي وفق أحدث أساليب التدريب، بهدف تحقيق المستويات المرجوة للمقاتلين (الفنيين والبدنيين والانضباطيين). ولتحقيق ذلك، سيتم تطوير دورات تأهيلية للضباط وضباط الصف، وتطبيق استراتيجية تدريب تفاعلية باستخدام التطبيقات الحديثة، وإقامة معسكرات تدريبية متخصصة في مركز التدريب التكتيكي لقوات الدفاع الجوي لرفع كفاءة المعدات وتطوير المهارات القتالية للمقاتلين.
كما تم توسيع نطاق استخدام أجهزة المحاكاة الحديثة، وتدريب الأفراد على الرماية المتخصصة في ظروف واقعية. وتم اختيار أفضل المدربين لوحدة التدريب المشتركة لتدريب الأفراد الجدد وتقييم أدائهم واختيارهم وتوزيعهم حسب مهامهم. كما تم تدريب الضباط العاملين في الخارج على أساليب وطرق استخدام أنظمة الدفاع الجوي الحديثة. وأُجري التدريب المشترك لاكتساب الخبرة والتعرف على أحدث أساليب تخطيط وتنفيذ العمليات لصالح الدول العربية والأجنبية.
التعاون المشترك
وفيما يتعلق باهتمام القوات المسلحة بالتعاون العسكري مع الدول الشقيقة والصديقة كأحد ركائز التنمية ومشاركة قوات الدفاع الجوي في هذه الأنشطة، أوضح قائد القوات المسلحة التطلع إلى تعزيز محاور التعاون العسكري مع زملائهم في الدول الشقيقة والصديقة في كافة المجالات على النحو التالي: وفي مجال التعليم يتم قبول الطلبة من الدول الشقيقة والصديقة في كلية الدفاع الجوي للتأهيل في علوم وهندسة الدفاع الجوي، ويتم تبادل الضباط للمشاركة في فرق ودورات التأهيل العامة والخاصة (المتقدمة، المتقدمة، القيادية) ودورات الأركان الخاصة في مجال الدفاع الجوي لدراسة العلوم العسكرية الحديثة في معهد الدفاع الجوي.
– هناك تبادل زيارات لأعضاء هيئة التدريس والطلبة (الكلية والمعهد) بقوات الدفاع الجوي مع الدول الصديقة والشقيقة لتبادل الخبرات في مجال أساليب التعليم والتدريب الحديثة وإجراء تدريبات مشتركة على منظومات الصواريخ والمدفعية مثل التدريب المصري الأمريكي (النجم الساطع)، والتدريب المصري الروسي (سهم الصداقة)، والتدريب المصري اليوناني (ميدوسا)، والتدريب المصري الفرنسي (كليوباترا)، والتدريب المصري الباكستاني (حماة السماء)، والتدريب المصري السعودي (تبوك).
بالإضافة إلى ذلك، يوجد برنامج تدريب مصري أردني (العقبة). كما يتم تبادل ضباط وقادة وحدات الدفاع الجوي لتعزيز التعايش المشترك مع وحدات الدفاع الجوي المماثلة وتبادل الخبرات العملية. وفي قطاع التسليح، يتم تبادل الخبرات في مجال الأمن التقني لأنظمة الدفاع الجوي المماثلة. وتُستخدم المهارات المتقدمة والكوادر المؤهلة في التدريب والإصلاح وتحسين الكفاءة وإطالة عمر المعدات.
في المجال العملياتي، يشمل ذلك تبادل الخبرات في أساليب تخطيط الدفاع الجوي عن الأهداف الرئيسية، بالإضافة إلى تنظيم ورش عمل متخصصة لمواجهة التهديدات الجوية الحديثة، مثل الطائرات بدون طيار، والصواريخ المجنحة، والصواريخ الباليستية. وفي مجال البحث والتطوير التقني، تُنظم زيارات لمراكز الأبحاث. كما تُعقد ورش عمل لتبادل الخبرات في حل المشكلات التقنية، وفي مجال الأمن التقني للأنظمة التي لم يعد من الممكن إصلاحها في بلد المنشأ، أو التي توقف إنتاجها.
رسالة طمأنة
طمأن قائد قوات الدفاع الجوي الشعب المصري قائلاً: “أود أن أوضح أمراً بالغ الأهمية. نحن كعسكريين نعمل وفق خطط وبرامج محددة وأهداف واضحة. وفي الوقت نفسه، يساورنا القلق إزاء جميع الأحداث والتغيرات في المنطقة، والتهديدات الحالية من جميع الاتجاهات، وما يرتبط بها من مخاوف مستقبلية. ومع ذلك، ستظل القوات المسلحة ملتزمة دائماً بأهدافها وبرامجها ونهجها للحفاظ على كفاءتها القتالية في زمن السلم والحرب”.
وأضاف: “عندما نتحدث عن الجاهزية القتالية لقوات الدفاع الجوي، فإننا نعني الهدف الدائم والمستمر لهذه القوات، وهو القدرة على تنفيذ مهامها بنجاح في جميع الظروف. ويتحقق الجاهزية القتالية العالية والدائمة بالحفاظ على جاهزية متقدمة للقوات وفق حسابات ومعايير دقيقة للغاية. ونحرص دائمًا على متابعة الجاهزية والتجهيزات، ونخطط مسبقًا ونطورها باستمرار”.
وتابع: “أؤكد للشعب المصري أن قيادتنا السياسية والقيادة العليا للقوات المسلحة تدعمان قوات الدفاع الجوي دعمًا كاملًا لضمان التطوير والتحديث المستمر لجميع أسلحة ومعدات قوات الدفاع الجوي، بما يحقق القدرات والمستوى اللائق بالدولة المصرية. نعمل ليلًا نهارًا، في زمن السلم والحرب، في جميع أنحاء مصر، مصممين على حماية سماء مصر من كل من تسول له نفسه الاقتراب منها”.
ونعاهد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة والفريق أول عبد المجيد صقر القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي بأن نواصل تطوير وتحديث قوات الدفاع الجوي وأن نظل دائماً جنوداً أوفياء، أوفياء لوعودنا، ضحين بكل ما نملك من عزيز، ونحافظ على هيبة الوطن وحرمة السماء المصرية لتظل مصر درعاً لأمتنا العربية.
ذكرى أبدية
تحتفل قوات الدفاع الجوي بيوم الدفاع الجوي في 30 يونيو من كل عام.
في الأول من فبراير عام ١٩٦٨، انطلقت مسيرة طويلة من العمل الدؤوب والكفاح لبناء قوات الدفاع الجوي، التي تسلحت وتدربت خلال حرب الاستنزاف تحت ضغط هجمات العدو الجوية. ويُعتبر صباح يوم ٣٠ يونيو ١٩٧٠ يومًا مجيدًا في تاريخ الجيش المصري، حيث تمكنت وحدات الدفاع الجوي من إسقاط اثنتي عشرة طائرة من أحدث طراز (فانتوم وسكاي هوك) وأسر طياريها. وكانت هذه أول طائرة فانتوم تُسقط، وتلتها عمليات إسقاط أخرى في الفترة التالية. وأصبح هذا الأسبوع يُعرف بـ”أسبوع قتل الأشباح”، مُبشرًا بميلاد القوة الرابعة لقواتنا المسلحة الباسلة. واحتفلت قوات الدفاع الجوي بهذا اليوم كعيد وطني.
فيما يتعلق بجدار الصواريخ، قال قائد قوات الدفاع الجوي: “جدار الصواريخ وحدة قتالية متعددة الاستخدامات، تتكون من صواريخ ومدافع مضادة للطائرات في تشكيلات متتالية داخل مواقع ومخابئ محصنة. مهمته الدفاع عن أهم التشكيلات البرية والأهداف الرئيسية والقواعد الجوية والمطارات على طول الجبهة الغربية للقناة. وقد شُيّدت هذه المواقع واحتلت في ظروف بالغة الصعوبة، وبتضحيات جسيمة من رجال الدفاع الجوي والمهندسين العسكريين والشعب المصري”.
استمر سلاح الجو المعادي بقصف هذه المواقع أثناء بنائها. كان هناك خياران لبناء جدار الصواريخ: الأول هو التقدم دفعةً واحدة بكتائب جدار الصواريخ، واحتلال مواقع ميدانية متقدمة دون تحصينات، وقبول الخسائر المتوقعة حتى اكتمال التحصينات. أما الخيار الثاني، فكان تقدم كتائب جدار الصواريخ على مراحل متتالية إلى منطقة القناة، وبناء تحصينات في كل منطقة، واحتلالها تحت حماية المنطقة التي خلفها. وقد اتُخذ هذا القرار.
نُفِّذت هذه العمليات بنجاح تام ودقة عالية. من أبريل إلى أغسطس 1970، نجحت كتائب الصواريخ المضادة للطائرات في منع القوات الجوية المعادية من التقدم باتجاه قناة السويس، وإجبار إسرائيل على قبول مبادرة روجرز لوقف إطلاق النار، اعتبارًا من صباح 8 أغسطس 1970. وهكذا، سطر جنود الدفاع الجوي صفحاتٍ شامخة، وأرسوا دعائم النصر العظيم للجيش المصري في حرب أكتوبر عام 1973.
وفي حرب أكتوبر 1973، دحض قائد قوات الدفاع الجوي أسطورة الذراع الطويلة لإسرائيل، قائلاً: “خلال وقف إطلاق النار، بدأ أفراد الدفاع الجوي الاستعداد لحرب التحرير واستعادة الأرض والكرامة من خلال استكمال تسليحهم بالأنظمة الحديثة (سام 3، سام 6) ورفع مستوى الجاهزية والتدريب القتالي للقوات المسلحة”.
نجحت قوات الدفاع الجوي في منع العدو من استطلاع قواتنا غرب القناة بإسقاط طائرة استطلاع إلكترونية (ستراتوكروزر) صباح يوم 17 سبتمبر 1971. وخلال حرب أكتوبر 1973، لعبت قوات الدفاع الجوي دورًا هامًا في تأمين المعابر والدفاع الصاروخي للتشكيلات الرئيسية للجيوش الميدانية، وكذلك الأهداف الهامة والإستراتيجية في جميع أنحاء مصر، حيث كان لدى العدو أكثر من 600 طائرة من أحدث الطرازات (ميراج، فانتوم، سكاي هوك).
في ليلة 6-7 أكتوبر، تمكنت قوات الدفاع الجوي من إسقاط أكثر من 25 طائرة، وإصابة عدد آخر، وأسر طيارين. أجبر هذا قائد سلاح الجو المعادي على إصدار أوامر للطيارين بعدم الاقتراب لمسافة 15 كيلومترًا من قناة السويس. في الأيام الثلاثة الأولى من الحرب، خسر العدو أكثر من ثلث طائراته وأكثر طياريه خبرة.
في ضوء هذه التطورات، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، موشيه ديان، في اليوم الرابع من القتال أنه لم يتمكن من اختراق شبكة الصواريخ المصرية. وفي مقابلة تلفزيونية في 14 أكتوبر/تشرين الأول 1973، صرّح بأن سلاح الجو الإسرائيلي يخوض “معارك صعبة في عصره… غزيرة الدماء”.
كان الحدث الأبرز لقوات الدفاع الجوي خلال حرب أكتوبر هو فقدان 326 طائرة معادية وأسر 22 طيارًا. وانتهت الحرب بثبات الإرادة، وحصدت مصر، من موقع قوتها، ثمار السلام.