خبراء دوليون يكشفون: مصر تخوض معركة حاسمة لإنهاء 80 عاماً من الهيمنة على مجلس الأمن الدولي

أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي وعضو الجمعية الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن بيان مصر الأخير أمام الأمم المتحدة بشأن ضرورة إصلاح نظام مجلس الأمن يمثل نقطة تحول تاريخية في العملية القانونية الدولية. وأشار إلى أن موقف مصر يرتكز على أسس قانونية متينة تكشف عن عيوب النظام القائم.
أوضح الدكتور مهران أن دور مصر كمنسق للجمعية العامة في المفاوضات الحكومية الدولية حول إصلاح مجلس الأمن يضعها في موقع استراتيجي لقيادة هذا النزاع القانوني الحاسم. وأكد أن الوقت قد حان لإنهاء الاحتكار الذي دام 80 عامًا والذي هيمن على هيئات الأمم المتحدة الرئيسية.
أكد أستاذ القانون الدولي أن المادة 23 من ميثاق الأمم المتحدة تنص صراحةً على أن عضوية مجلس الأمن يجب أن تعكس، بالإضافة إلى التوزيع الجغرافي العادل، مساهمة الدول في تحقيق أهداف المنظمة الدولية. وأوضح أن النظام الحالي يتناقض تناقضًا صارخًا مع هذه المبادئ الأساسية، ويُكرّس ظلمًا تاريخيًا بحق قارات وشعوب بأكملها.
وأكد أن دعم مصر للمطالب الأفريقية بمقعدين دائمين ومقعدين غير دائمين يتمتعان بحق النقض (الفيتو) يُجسّد العدالة القانونية اللازمة، لا سيما وأن القارة الأفريقية تضم 54 دولة، تُمثل أكثر من ربع أعضاء الأمم المتحدة، لكنها لا تتمتع بتمثيل دائم في مجلس الأمن. وهذا يُمثل تمييزًا صارخًا، ويخالف مبادئ المساواة في السيادة المنصوص عليها في المادة الثانية من الميثاق.
وأشار إلى أن النظام الحالي لمجلس الأمن، الذي أُنشئ عام ١٩٤٥، لا يعكس توازن القوى الدولي الحديث ولا التحديات الأمنية الراهنة. وأشار إلى أن شلل المجلس المتكرر في مواجهة الأزمات الدولية الكبرى يُظهر عجز هيكله الحالي عن أداء المهام الموكلة إليه بموجب الميثاق، ولا سيما صون السلم والأمن الدوليين.
وحذر من أن استمرار الوضع الراهن يُقوّض مصداقية النظام الدولي برمته، ويتطلب البحث عن بدائل خارج إطار الأمم المتحدة، مما قد يؤدي إلى تفكك النظام الدولي متعدد الأطراف الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية. وأضاف أن حق النقض (الفيتو)، بصيغته الحالية، يتناقض مع مبدأ المساواة في السيادة، ويسمح لدولة واحدة بعرقلة إرادة المجتمع الدولي، مما يجعله أداة للهيمنة لا لحفظ السلام.
وأشاد بدور مصر في تنسيق الجهود الأفريقية والدولية لتحقيق هذا الإصلاح التاريخي، مؤكدًا أن مصر تتحمل مسؤولية تاريخية في تصحيح هذا الظلم القانوني الممتد. وأوضح أن التحالف الواسع الذي تقوده مصر، والذي يضم دول مجموعة العشرين الأفريقية، ودول البريكس، وعددًا من القوى الإقليمية، يمارس ضغوطًا قانونية وسياسية متزايدة لا يمكن تجاهلها.
وخلص الدكتور مهران إلى أن نجاح مصر في قيادة هذا الإصلاح يمثل انتصارًا تاريخيًا للعدالة الدولية، ويعيد مصداقية الأمم المتحدة كمنصة حقيقية لجميع شعوب العالم. وأكد أن المعركة القانونية التي تخوضها مصر اليوم ستحدد مستقبل النظام الدولي لعقود قادمة، وستكون اختبارًا حقيقيًا لالتزام المجتمع الدولي بالعدالة والمساواة.