تغييرات جذرية في وزارة الداخلية السورية: إعادة هيكلة ومكافحة الفساد ضمن خطة شاملة

في خطوة وُصفت بأنها غير مسبوقة، أعلنت وزارة الداخلية السورية عن سلسلة من التحديثات الإدارية والأمنية ضمن إطار خطة شاملة لإعادة الهيكلة ومكافحة الفساد، مستهدفة إعادة بناء المؤسسة الأمنية على أسس حديثة تتماشى مع مفهوم "المدينة الذكية". جاء ذلك على لسان المتحدث باسم الوزارة، نور الدين البابا، الذي أوضح أن هذه التغييرات تهدف إلى معالجة التحديات الأمنية والمجتمعية المتراكمة منذ سنوات، وعلى رأسها ملفات المطلوبين أمنياً، والفساد الإداري، وتطوير قدرات الشرطة لمواجهة التحديات الحديثة.

8 ملايين مطلوب أمني تحت المجهر

كشف المتحدث باسم وزارة الداخلية أن عدد المطلوبين أمنياً في سوريا بلغ نحو 8 ملايين شخص، مشيرًا إلى أن هذه الفئة لا تزال تمثل تهديدًا للأمن، رغم الجهود اليومية التي تبذلها الأجهزة المختصة في مختلف المحافظات لإلقاء القبض عليهم. وأضاف أن الوزارة تعمل على تسوية أوضاعهم القانونية وإعادة الحقوق لأصحابها، في إطار المصالحات الوطنية والتحولات الإدارية الجارية.

جلسة تشاورية لإعادة بناء الهيكل الإداري

عقدت وزارة الداخلية مؤخرًا جلسة تشاورية في مقرها، جمعت نخبة من الكفاءات الوطنية السورية من خلفيات حقوقية وإدارية وشرطية، معظمهم من المنشقين عن النظام السابق. وتناولت الجلسة مناقشة الهيكلية الجديدة للوزارة، التي تأتي في سياق التحول نحو إدارة أمنية أكثر كفاءة وشفافية، مع التركيز على معالجة أوجه القصور في النظام السابق.

إصلاحات مرورية تعتمد على "المدينة الذكية"

أحد أبرز محاور الهيكلة الجديدة كان قطاع المرور، الذي وصفه البابا بأنه كان يعاني من "الفساد والتخلف". وقدّمت الوزارة تصورًا جديدًا يستند إلى التكنولوجيا الذكية لتقليل تدخل العنصر البشري، وبالتالي تقليص مساحة الفساد وتسريع وتيرة معالجة المخالفات والازدحام المروري، في إطار استراتيجية المدينة الذكية.

استحداث إدارات جديدة لتعزيز الأمن ومكافحة الجرائم الحديثة

أعلنت وزارة الداخلية عن إطلاق عدة إدارات أمنية متخصصة، من بينها:

• إدارة الشرطة السياحية: مسؤولة عن تأمين المواقع السياحية وحماية الزوار.

• إدارة مكافحة الاتجار بالبشر: تركز على مواجهة شبكات الدعارة، وتهريب البشر، والاتجار بالأعضاء.

• إدارة المهام الخاصة: تضم وحدات مدربة تدريبًا عاليًا للتعامل مع الاحتجاجات، احتجاز الرهائن، وحالات الطوارئ.

• إدارة مكافحة الإرهاب: موجهة لمتابعة التهديدات الأمنية الداخلية، بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة.

• إدارة الحماية والأمن الدبلوماسي: مكلفة بتأمين المنشآت الحكومية والمرافق الحيوية والبعثات الأجنبية.

نظرة مستقبلية: وزارة داخلية حديثة تلبي تطلعات المجتمع

تشير هذه الإصلاحات إلى توجه جديد لدى وزارة الداخلية السورية نحو إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس تقنية وقانونية حديثة. وتُعد هذه التغييرات خطوة أولى في طريق طويل نحو استعادة الثقة بين المواطن والدولة، في وقت تتطلع فيه البلاد إلى تجاوز آثار سنوات طويلة من النزاعات والانقسامات.