كيف يعزز “حزب الله” أمن اتصالاته عقب استهداف عناصره وأجهزة “البيجر”؟

منذ 11 ساعات
كيف يعزز “حزب الله” أمن اتصالاته عقب استهداف عناصره وأجهزة “البيجر”؟

ويعتمد أنصار حسن نصر الله وحزب الله اللبناني على استراتيجيات مختلفة ومتزامنة لتعقيد أي محاولات لخرق أمني. كما يمتلك حزب الله بنية تحتية متقدمة ومعقدة من شبكات الاتصالات السلكية، والتي تعتبر أكثر أمانا مقارنة بالشبكات العامة لأنها لا تعتمد على الإنترنت أو الهواتف المحمولة.

 

وشهد العالم هجوما غير مسبوق في الأيام الأخيرة عندما استهدفت إسرائيل أكثر من 3000 عضو وقيادي في حزب الله، فضلا عن سفير إيران في لبنان مجتبى أماني، في هجوم مفاجئ في الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق لبنانية أخرى. وقد وصف بأنه مشهد من فيلم سينمائي، ويظهر قدرة إسرائيل على تمييز أعضاء الحزب من خلال التشوهات التي يتعرضون لها.

 

وأفادت مصادر مقربة من حزب الله أن الإجراءات الأمنية المتخذة حالت دون دخول العديد من أجهزة النداء إلى مواقع حساسة، حيث انفجر المئات منها في المكاتب والمنازل والسيارات.

 

وأعلن وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض أن ما بين 2750 و2800 شخص أصيبوا في التفجيرات ولقي تسعة أشخاص حتفهم بينهم طفلة تبلغ من العمر ثماني سنوات. كما أشار إلى أن العدد قد يرتفع لاحقا، وأن معظم الإصابات خطيرة، وتتراوح بين جروح في الوجه واليد والمعدة والعين، ما أدى إلى إعلان أكثر من 100 مستشفى في لبنان حالة الطوارئ لاستقبالها. الجرحى.

 

 

إسرائيل تغزو لبنان دون قتال مباشر.

 

وأثارت الحادثة الأخيرة جدلا واسعا في وسائل الإعلام العربية والإقليمية والدولية، إذ وُصف الهجوم الإسرائيلي على لبنان بأنه “غزو” حدث دون الحاجة إلى عمليات قتالية مباشرة أو استخدام الدبابات.

وبحسب ما ورد استهدف الهجوم فقط أعضاء حزب الله الذين كانوا يتنقلون بين المدنيين في حياتهم اليومية، سواء كانوا يتسوقون في السوبر ماركت أو يقضون الوقت مع عائلاتهم. ويعكس هذا الهجوم الذي وقع فجأة ومن دون مواجهة عسكرية تقليدية، تطوراً جديداً في الأساليب العسكرية المستخدمة.

 

من المسؤول؟

 

أثارت الأحداث الأخيرة عددا من التساؤلات والاتهامات في صفوف حزب الله وفي الأوساط اللبنانية حول مسؤولية الحزب عن التفجيرات التي هزت عدة مناطق، حيث أظهرت تقارير صحفية مقربة من الحزب أن نقاشات ساخنة بدأت لمعرفة أسباب الحادثة وكشفها. طرق التحقق من المصدر الأمني للاختراق الذي حدث. لقد سمح بتنفيذ هذا الهجوم الكبير. ويتناول الحديث كيفية حصول العدو على المعلومات التي سمحت له باختراق شحنة أجهزة الاتصالات المتفجرة، والخطوات التي اتبعوها لضمان الوصول إلى أعضاء الحزب، إلى طريقة التنفيذ وتقييم الأضرار وتأثيراتها على جبهة المقاومة. .

وفي هذا السياق، تحدث الأمين العام حسن نصر الله بشكل مفصل عن آخر التطورات مساء الخميس.

في المقابل، يتهم العديد من المراقبين قيادة حزب الله بالاستخفاف بالتهديدات الإسرائيلية التي تتلقاها من خلال الزيارات المكوكية التي يقوم بها مبعوثون دوليون وعرب. ورغم تحذيرات المجتمع الدولي من خطورة التصعيد، إلا أن الحزب قلل من شأن هذه التهديدات لاعتقاده أن الولايات المتحدة لم تمنح إسرائيل الضوء الأخضر.

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين، في زيارته الخامسة إلى تل أبيب منذ بدء حرب غزة في أكتوبر 2023، إن إسرائيل ستفعل كل ما هو ضروري للحفاظ على أمنها حتى مع عدم تأمين عودة السكان النازحين إلى الشمال. .

 

وأشار موقع أكسيوس أيضًا إلى أن إسرائيل ربما خططت لتفجير أجهزة الاستدعاء كجزء من خطة أوسع لبدء حرب جديدة.

وبحسب رويترز، فقد تم وضع كميات صغيرة من المتفجرات في 5000 جهاز بيجر طلبها حزب الله، وانفجر منها 3000 فقط، مما يشير إلى أن الموساد الإسرائيلي تمكن من الوصول إلى هذه الأجهزة قبل تسليمها للحزب.

وأضافت وسائل إعلام عبرية أن المادة المتفجرة المستخدمة هي مادة PETN، وهي مادة شديدة الحساسية.

 

 

خروقات أمنية واسعة النطاق من قبل حزب الله.

 

ويمثل الحادث الأخير أكبر خرق أمني واجهه حزب الله في السنوات الأخيرة، ويمكن أن يشكل سابقة في تاريخ الحروب والتجسس. ويعتقد أن هذا الاختراق أدى إلى تصعيد جديد في الصراع بين الحزب وإسرائيل، وشهدت السنوات الأخيرة عدة خروقات أمنية في الحزب، داخليا وخارجيا، بما في ذلك عمليات تجسس لصالح أطراف دولية وإقليمية. وهجمات القرصنة الإلكترونية على أنظمة الحزب وبنيته التحتية.

 

كما تم اكتشاف خلايا تجسسية تعمل لصالح وكالات استخبارات أجنبية مثل الموساد الإسرائيلي والمخابرات السرية الأمريكية داخل صفوف الحزب، والتي تمركز بعضها في أماكن حساسة، مما شكل تهديدًا كبيرًا لأمن الحزب.

 

كما تعرض الحزب لهجمات قرصنة على أنظمته الإلكترونية في أكثر من مناسبة، إما للحصول على معلومات استخباراتية أو لتعطيل عملياته اللوجستية والعسكرية، ما ساهم في نجاح محاولات الاغتيال التي استهدفت قيادات بارزة مثل عماد مغنية. وفي عام 2008، كان آخر هؤلاء وسام الطويل وفؤاد شكر، اللذين كان لهما الفضل في خروقات أمنية سهلت التنفيذ.

 

وأعلنت الأجهزة الأمنية اللبنانية، في تموز الماضي، توقيف عناصر أجنبية كانت تتنقل في الضاحية الجنوبية وتقوم برصد أو تصوير مواقع معينة. وهذه ليست الحادثة الأولى، إذ تم اعتقال أشخاص يحملون جوازات سفر دبلوماسية منذ أشهر، ثم أطلق سراحهم بعد تدخل سفاراتهم. ويعلن الحزب بشكل متكرر عن اكتشاف جواسيس داخل منظمته.

 

ودفعت هذه الخروقات حزب الله إلى تعزيز إجراءاته الأمنية، بما في ذلك تطهير صفوفه من العناصر المشبوهة وتطوير قدراته السيبرانية والاستخباراتية، بحسب مصادر لبنانية مطلعة. وبدأ الحزب باستخدام الرموز في الرسائل وخطوط الهواتف الأرضية وأجهزة النداء للتخفيف من تكنولوجيا المراقبة المتطورة التي يعتمد عليها لتجنب محاولات الاغتيال التي استهدفت عدداً من قياداته.

 

وفي السياق نفسه، قال جنرال الاحتياط الإسرائيلي سليم وهبي في حديث إعلامي، إن هذا النوع من العمليات الدقيقة يتطلب عدة أشهر من الإعداد، حيث يجب فحص نوع أجهزة الاتصال وعملها ومستخدميها والثغرات المتعلقة بها.

وأضاف وهبي أن الحزب يواجه صعوبة في التواصل بين أعضائه وقياداته بعد الحادث، وأن الأمر سيستغرق أسبوعًا أو أسبوعين لإدخال أجهزة جديدة واستعادة الاتصالات الداخلية.

 

ما هي وسائل التواصل المتوفرة بين عناصر حزب الله؟

 

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، نقلاً عن شركة الأمن لوبيك إنترناشيونال، أن السبب المحتمل لانفجار جهاز النداء هو وجود برامج ضارة.

 

وبحسب مصدر مطلع على تحركات حزب الله، فإن الحزب يعتمد على مجموعة متنوعة من التقنيات والوسائل لضمان اتصالات آمنة بين أعضائه، مع التركيز على تأمين هذه الوسائل ضد الأكاذيب المحتملة للتطفل. وأشهر هذه التقنيات هي شبكات الاتصالات الخاصة التي طورها الحزب بشكل مستقل عن شبكات الحكومة اللبنانية لحماية اتصالاته من المراقبة والتجسس.

 

وبحسب المصدر، فإن حزب الله أيضاً اعتمد مؤخراً بشكل كبير على أجهزة الاتصال المشفرة، حيث توفر هذه الأجهزة حماية قوية للاتصالات الصوتية والنصية من خلال تقنيات التشفير المتقدمة لضمان سرية المعلومات.

 

ويلجأ الحزب في بعض الأحيان إلى الاتصالات الأرضية التقليدية بين مراكزه ومواقعه عبر الكابل أو أجهزة أرضية غير متصلة بالإنترنت.

ويمكنه أيضًا، إذا لزم الأمر، استخدام تقنيات الأقمار الصناعية للاتصالات بعيدة المدى، وفي حالات معينة يعتمد الطرف على تطبيقات المراسلة المشفرة مثل Signal وTelegram، على الرغم من أن الحذر الشديد مطلوب لضمان عدم تتبع البيانات أو تحديد هوية المستخدمين.

 

كيف يرد حزب الله على الهجمات؟

 

وفي أول تعليق له، وصف حزب الله الهجوم الذي واجهه بأنه أكبر خرق أمني في تاريخه وتعهد بالانتقام من المسؤولين عن “العدوان الآثم” كما تعهد بإنزال “القصاص العادل” بإسرائيل حيثما يستحق حيثما كان. غير متوقع.

كما ألقى الحزب باللوم الكامل على إسرائيل في الهجوم وتعهد بتكثيف العمليات العسكرية ردا على ما اعتبره “مذبحة” ضد الحزب.

 

وأكد حزب الله في بيانه استمرار دعمه العسكري لقطاع غزة، وأشار إلى أن هذا الدعم لا علاقة له بـ “الحسابات الصعبة” التي تواجه إسرائيل بشأن الهجوم الأخير. كما أوضح البيان انفجار عدد من أجهزة “البيجر” التابعة لأعضاء الحزب.

العميد د. وقال طارق العكاري، المتخصص في الاقتصاد العسكري المصري، إن رد الحزب على الهجمات سيكون أقوى من أي وقت مضى، لافتا إلى أن استخدام إسرائيل للتكنولوجيا يعكس ضعف فعالية استراتيجيتها العسكرية التقليدية.

بعد هذا الهجوم، يتساءل الكثيرون عن الخطوات التي سيتخذها حزب الله لتحسين أمن اتصالاته. وبحسب مصدر مقرب من الحزب، فمن المرجح أن يتحرك الحزب لتطوير تقنيات تشفير أكثر تطوراً وتعزيز أنظمة اتصالاته لتكون أقل عرضة لهجمات القراصنة.

ومن الممكن أن يتخلى الحزب عن بعض الأجهزة القديمة مثل أجهزة النداء والتحول إلى أجهزة اتصال أكثر حداثة وأماناً، فضلاً عن الاعتماد بشكل أكبر على وسائل الاتصال غير الإلكترونية.

كما يمكن للحزب أن يزيد من استخدام وسائل الاتصال التقليدية، مثل: ب. مراسلون شخصيون لنقل الرسائل يدوياً بين المراكز والمديرين لتحسين سرية المعلومات وتجنب الرسائل المستهدفة عبر الوسائط الإلكترونية.

ويحتاج الحزب أيضًا إلى تحسين شبكة اتصالاته الأرضية لتجنب الارتباط بالشبكات الوطنية أو الدولية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تعقيد هجمات القراصنة المستقبلية.

وبحسب مصدر مطلع، فإن الحزب سيقوم بتدريب أعضائه بشكل مكثف على التعامل مع الخروقات الأمنية ورفع مستوى الوعي حول أمن المعلومات.

ومن المتوقع أن يستمر الحزب في استخدام وسائل اتصال متعددة في وقت واحد لتصعيب أي اقتحام، معتمداً على بنيته التحتية الخاصة من شبكات الاتصالات السلكية، والتي تعتبر أكثر أماناً من الشبكات العامة لأنها لا تعتمد على الإنترنت أو الهواتف المحمولة.

 

ومن الجدير بالذكر تقرير مايو 2008 الصادر عن الحكومة اللبنانية والذي ذكر أن شبكة اتصالات الحزب يمكن أن تحتوي على ما يصل إلى 100 ألف خط. وأوضحت في الوقت نفسه أن إيران تلعب دورا في دعم هذه الشبكة من خلال جهات إيرانية، وأكدت أن هذه الشبكة كانت جزءا لا يتجزأ من الشبكة التي دعمت مقاومتها خلال الحرب مع إسرائيل عام 2006.


شارك