خبير مصري يرد على نشر إسرائيل وثائق خطيرة عن حرب أكتوبر
علق الدكتور محمد عبود، أستاذ اللغة العبرية والشؤون الإسرائيلية بجامعة عين شمس في مصر، على الوثائق السرية التي نشرتها إسرائيل مؤخرا بشأن حرب أكتوبر 1973.
وأوضح عبود في تصريحات خاصة للبلد أن إسرائيل تمكنت من الاحتفاظ بكمية هائلة من وثائق حرب أكتوبر بناء على القانون الإسرائيلي الذي يسمح بتمديد فترة حظر نشر وثائق الدولة إلى خمسين عاما. ورغم أهمية الخطوة الأخيرة، التي تضمنت نشر وثائق جديدة وكتالوجات صور ومقاطع صوتية ومرئية، فإن الواقع يؤكد أن الحصار لم ينته بشكل كامل. وفي الواقع، لا تزال المخابرات العسكرية الإسرائيلية تتحفظ على نشر وثائق معينة وأجزاء بأحجام مختلفة من وثائق أخرى، بحجة الحفاظ على أسرار الأمن القومي الإسرائيلي.
وكشف عبود أن عملية حجب وحذف أجزاء من الوثائق من قبل المخابرات العسكرية الإسرائيلية ظهرت بشكل واضح خلال ترجمة الوثائق الرسمية للجنة أجرانات التي تم تشكيلها للتحقيق مع القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل. ورغم الحصار الذي طال العديد من المناطق، إلا أن الرقابة العسكرية الإسرائيلية ارتكبت أحياناً أخطاء بدائية، مثل حجب معلومات ومقاطع معينة من وثيقة التحقيق أمام رئيس الأركان، ومن ثم ترك نفس المعلومات في وثيقة التحقيق أمام رئيس المخابرات العسكرية. . ، إيلي زيرا. ولذلك، فإن الوثائق الإسرائيلية الرسمية يستبعد بعضها بعضا. ومن خلال دراستها بجدية يمكن اكتشاف الكثير والكثير من الأسرار التي أرادت تل أبيب إخفاءها والاحتفاظ بها.
واستطرد أستاذ اللغة العبرية قائلا: “أعتقد أن أهم ما في الوثائق الإسرائيلية الأخيرة، وكذلك تلك التي تم الكشف عنها خلال العقود السابقة، هو توفير المادة الخام باللغة العبرية التي تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن المصري العظيم قوة النصر في حرب أكتوبر، وأبعاد الهزيمة الإسرائيلية في مجال السياسة مقارنة بعقلية الرئيس السادات وفريقه الرئاسي، والهزيمة الإسرائيلية الرهيبة في ساحة المعركة أمام الجيش المصري بجنوده وقادته الذين وهزم الترسانة العسكرية الإسرائيلية ومنظومة الأسلحة الغربية المتقدمة في ذلك الوقت”.
ورأى عبود أن السرية وراء الحجب والإخفاء تتأرجح بين الحفاظ على أسرار الأمن القومي الإسرائيلي من جهة، والحفاظ على الأخلاق الإسرائيلية من جهة أخرى. ومن المؤكد أن التأثير سيكون سلبياً على الإسرائيليين عندما تظهر وثائق تشير إلى الانهيار النفسي الذي تعرض له وزير الدفاع موشيه ديان في 7 تشرين الأول/أكتوبر بعد زيارته للجبهة. وظهوره المهتز في اجتماع لمجلس الوزراء في نفس اليوم. وطلب منه الانسحاب أمام الجيش المصري والتخلي عن خط بارليف وترك الجرحى الإسرائيليين هناك وإبلاغهم عبر الراديو أنهم إما ينقذون أنفسهم أو يستسلمون للجيش المصري.
وأكد أستاذ الشؤون الإسرائيلية أن تأثير الوثائق سيكون أكثر سلبية على الإسرائيليين عندما يقرأون أن رئيسة الوزراء غولدا مائير فكرت في الانتحار عندما ظهرت أمامها صورة للأوضاع في ساحة المعركة. وأعرب عن خشيته من أن يكون الطريق إلى تل أبيب مفتوحا أمام الجيش المصري إذا لم يتدخل الأمريكيون لحماية إسرائيل. وسيكون تأثير الوثائق كارثيا على معنويات الإسرائيليين عندما تنشر معلومات كاملة عن المعارك التي دارت بين جنرالات الجيش الإسرائيلي وصراعاتهم خلال الحرب نفسها، والتي أدت إلى مقتل رئيس جبهة سيناء اللواء شموئيل. جونين أن يفكر بجدية، على حد تعبيره، في اغتيال وزير الدفاع موشيه ديان في مكتبه.
وتابع: لا شك أن لهذه الوثائق أهمية كبيرة ويجب أن نعمل على ترجمتها إلى اللغة العربية وإتاحتها للأجيال الجديدة من الباحثين والعسكريين، ليعرفوا سمات النصر المصري بعيون الإسرائيليين، من جهة، ومعرفة آليات صنع القرار السياسي والعسكري في إسرائيل، ومعرفة الدروس التي تعلمتها إسرائيل من حرب أكتوبر 1973 وحاولت تجنبها في العقود التالية.
ر.ت